
كتبت شيماء الخطيب؛ يبدو أن صيف لبنان حار على كافة الأصعدة، خصوصاً في الساحة السياسية، التي تشهد نشاطاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة على خط الاستحقاق الرئاسي.
“التسوية باتت قريبة” هذا ما أعلنه رئيس تيار المردة والمرشح الواضح والصريح لرئاسة الجمهورية، سليمان فرنجيه، يوم الأحد 09 حزيران الجاري، خلال كلمته بمناسبة الذكرى الـ46 لمجرزة إهدن. وبدأت تتضح معالم هذه التسوية التي تطبخ بأيادٍ قطرية – فرنسية، بمساعدة بعض الأطراف الداخلية كاللقاء الديمقراطي وكتلة الاعتدال والتيار الوطني الحر أخيراً.
ولكن، كالعادة، مع كل استحقاق رئاسي، يقرر طرف من الأطراف وضع “العصي بالدواليب”، وهذا ما يفعله حزب القوات اللبنانية الذي يرفض الحوار والتشاور برئاسة رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بهدف انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن.
نسي حزب القوات والقائمين عليه “لبّ الموضوع” وهو انتخاب رئيس للجمهورية، ويعاند على فكرة الحوار أو التشاور والشخص الذي يرأسه. هذا الأمر دفع قطر لاستدعاء وفد من حزب القوات من جهة، ومعاون الرئيس بري، النائب علي حسن خليل من جهة أخرى، لإجراء لقاءات مع المسؤولين هناك، كل على حدى، بهدف تقريب وجهات النظر.
كذلك، كانت الانتخابات الرئاسية، جزءاً من لقاء الرئيسين الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والأميركي، جو بايدن، في قمة النورماندي التي عقدت يوم السبت 08 حزيران الجاري، حيث شددا على ضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان. إذاً، ما السرّ وراء هذا النشاط؟
تسعى الدول الخارجية، للحفاظ على الاستقرار في لبنان، وإبعاد فكرة الحرب الشاملة بينه وبين إسرائيل، لذلك، من مصلحتها حصول الانتخابات الرئاسية وإيصال شخص يستطيع إبعاد لبنان وتحييده عن نتائج الحرب في غزة. في المقابل، الثنائي الشيعي متمسك بسليمان فرنجية كمرشح، إلا أنّه أبدى استعداده للحوار برئاسة بري.
بالإضافة إلى ذلك، ليس من مصلحة الدول الخارجية أن يكون لبنان خاضعاً لمحور دولي معين دون غيره، حيث أنّه – كما نعرف – تخضع الأطراف السياسية المختلفة في لبنان لعدة دول كأميركا، فرنسا، السعودية وإيران. وتحرص هذه الدول مجتمعةً على الحفاظ على خصوصية لبنان بطريقة تخدم مصالحها جميعاً.
وبحسب المعلومات، يبدو أنّه إذا لم ينته الفراغ الرئاسي في الفترة القريبة المقبلة، قد يطول كثيراً وقد يصبح الأمر رهناً للتطورات التي تحصل على جبهة غزة. كذلك، يتحضر الأميركيون لانتخاباتهم الرئاسية الخاصة التي ستحصل في تموز المقبل، وإذا فشلت الأطراف الداخلية بالوصول إلى اسم، لن يكون هناك أمل لإنهاء الفراغ على المدى القصير.
متابعو الملف الرئاسي اللبناني يقولون إنّ إنهاء الفراغ الرئاسي سيحرك الأميركيين مباشرة للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في الجنوب، حيث أنّ هوكشتين ينتظر هذه اللحظة للهبوط في لبنان والقيام بلقاءاته لتحقيق هذا الهدف عبر تطبيق القرار 1701، كما أنّه سيباشر بملف ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، وتنفيذه كما حصل في ملف ترسيم الحدود البحرية.
على الصعيد الداخلي، انتخاب رئيس للجمهورية سيؤدي إلى حلحلة بعض الأمور العالقة، منها تشكيل حكومة جديدة تعمل بكامل صلاحياتها، على أمل أن يؤدي إلى العمل على حل المشاكل والأزمات في البلد أهمها الإصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تكمل عامها الخامس.
التطورات الأخيرة لا توحي بحلحلة قريبة في الأفق، حيث أن معظم الفرقاء السياسيين اللبنانيين ملتزمون بـ”النكد السياسي”، وتراشق الاتهامات بالتعطيل، ومع كل المحاولات الخارجية لحل الأزمة هم مصرون على تمديدها وتعطيل أمور البلد والناس و”مش رايحة غير على المواطن”.



