
كتبت سارة المشطوب، وطنٌ تتعدّد طوائفه وتتشعب إيديولوجياته ونزْعاته، حيث تكثر النزاعات ولا تحصر بمجال واحدٍ أو موضوع واحد، ولا تُحترم الإختلافات إنّما تعتبر حجر الأساس للخلافات.
موضوعٌ ليس بالجديد على السّاحة اللّبنانية لطالما كان سبب الخلافات والنّزاعات منذ الاستقلال عام ١٩٤٣.
شهد لبنان أكثر من عقد زواج مدني وذلك من خلال الوزير السابق مروان شربل ولكنه عاد وانتهى مجدداً بسبب معارضة المرجعيات الدينيّة.
فبين رفض تام لأنّه يخالف الأحكام الشّرعية واللاهوت ومطالبة شرسة لإقراره من أجل إزالة الخلافات وتوحيد سلطة الدولة بدلاً من فيدرالية الأديان والسلطات الدينية، ويبقى موضع خلاف ١٨ طائفة في لبنان،
ما هي تفاصيل هذا القانون، ولصالح من دفن مراراً وتكراراً رغم مطالبة العديد لتشريعه؟
يشمل القانون الموحّد للأحوال الشّخصيّة الزواج، الطلاق، الإرث، الأهلية، الولاية والوصاية. في لبنان أصبح الزواج والطلاق والإرث “الأحوال الشخصية” بالفعل حالة اجتماعية تهيمن عليها السياسة بامتياز.
تنص المادة التاسعة من الدستور اللبناني عن حفظ حرية الرأي والتعبير للبنانيين كافّة، كما نصّت مقدمة الدستور اللبناني التزام الدولة اللبنانية بحماية حقوق المواطن الأساسية والحريات العامة وخاصة المساواة أمام القانون لجهة التمتع بالحقوق المدنية والسياسية؛ الحرية الشخصية؛ حرية الاعتقاد والحرية الدينية.
بالنسبة للمؤيدين تقع المرأة ضحيّة التمييز في القوانين الطائفية وتُحْرم من أطفالها، لتسيطر السلطة الذكورية عليها على الرغم من أهليتها الكاملة وقدرتها الكاملة على النجاح وعلى التنسيق بين عائلتها ونجاحها بأحيان عدة. لكن هذه القوانين الحالية تتعامل مع المرأة كما لو انها فاقدة للأهلية فتحرمها تحديد المصير. أمّا من يرفض هذا القانون فيتسلّح بنصوصه الدينيّة والمادة التاسعة من الدستور المشتركة فيما بينهم، فكلّ يستخدمها لصالحه. فيتساءل المعارضون! ألا تُنسف هذه الحريّة التي يكفلها الدستور بسبب هذا القانون؟ فكيف لكم أن تلغوا النصوص الدينية المنزلة والمقدّسة؟ بِكَفّيكم طرح هذا السؤال على المراجع لجميع الطوائف في لبنان
فبالنسبة للكاهن ابراهيم سعد فإن: “القانون المدني لا يتعارض مع الكنيسة الأورثودوكسية إنّما يتوافق معها. وقد أيّد توحيد قوانين الأحوال الشخصية بقانون واحد”.
من جهته عارض الشيخ في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ أحمد طالب هذا الطرح وأكد لبِكفّيكم أن: “قانون الاحوال الشخصية الموحد لا يأخذ بعين الاعتبار الشروط الدينية في عقد الزواج، والتي يشترط فيها الايجاب، القبول، المهر، وأن لا تكون الزوجة ممن لا يجوز له الزواج منها، فدينياً يحرّم على المرأة الزواج من دين آخر.”
وأضاف: “كذلك موضوع تقسيم الميراث بحسب القسمة القرآنية هو أمر يدخل في صلب الايمان الديني، فلا يمكن لمن يلتزم بدين ان يقبل اي قانون او تشريع يتعارض مع الشروط التي وضعها الدين لتصحيح هذه الاعمال، اما بالنسبة للحضانة فنحن مع تعديل هذا القانون والاخذ بعين الاعتبار مصلحة الطفل النفسية والمادية”.
أما لدى طائفة الموحدين الدرزية أوضح رئيس المحكمة الدرزية العليا الشيخ فيصل ناصرالدين أن: “القوانين الدّرزية لا تتعارض بشكلٍ تام مع القوانين المدنيّة، ولكنه يؤكّد على عدم واقعية هذا الطّرح في بلد ال١٨ طائفة حيث تختلف جميعها ولا يمكن نسف خلافاتها وقمع نصوصها.”
وأكمل: “بالنسبة لحق الحضانة يبقى الذكر لسن ١٢ مع والدته والأنثى ١٤”. وأضاف أن: “سلطة الأب وضرورة وجود الذكور خاصة مع والدهم للاعتياد على حياة الرجال وبيئة والده، في المقابل يؤكد على تنفيذ القوانين كما هي فلا تحرم أم من ولدها إلّا حسب القانون”.
رفعت صرخات العديد من النساء التي تطالب بالقانون الموحّد للأحوال الشخصيّة لحفظ حقوقهن، كما وطرح من قبل جمعيّات عدة في مقدمتها جمعية “كفى” التي تقدّمت بطرح كامل لهذا القانون بمواد متكاملة آملة ان تعبّد طريقه.
فترى الشريكة المؤسسة لمنظمة كفى المحامية ليلى عواضة في تصريح سابق لها أن المطالبة بقانون موحّد للأحوال الشخصية يأتي نتيجة أن “دولة القانون تفرض علينا الخضوع لقانون واحد تضعه الدولة.”
واضافت: “سيؤكد القانون على فكرة المساواة، ففي القوانين الحالية المرأة لا تعتبر كائن مستقل وحر، حتى انها لا تمتلك سجلا خاص بها إنما يقع اسمها تحت اسم والدها ومن ثم تحت اسم زوجها، اما في هذا القانون الموحّد ستكون كائن مستقل، حقها كحق الذكر تماماً، وأسماء أطفالها تحت اسمها، لها حق الوصاية وتتمتع بالأهليّة، فتصبح السطلة “والديّة” وليست “أبويّة”.
في حين لا يزال العديد من الأشخاص والشخصيات يرفضون هذا القانون ويعتبروه قمعاً لحريّتهم، ليبقى السؤال هل سيكون الحل بإقرار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية؟ أم إقرار مراسيم تشكيلية لقانون طائفة الحق العام أي الطائفة ١٩؟



