خاصمقالات

مافيا المولدات

مافيا المولدات

كتبت هدى منذر:

لقد أصبح اللبنانيون رهائن جهات متنوعة الإتجاهات. فالفساد الكبير ولّد فساد وفساد. ضيعٌ وأقضيةٌ سرقت أعضاء داخل مؤسسة من المفروض أن تنطق بإسمهم.

تعددت السرقات والخداع والإدعاءات الكاذبة.

 

يشكو اللبنانيون من التلاعب في فواتير الكهرباء من قبل أصحاب المولدات، الا انه دليل ملموس لأن جواب أصحاب المولدات، والبلديات غالبا يكون عقيم.

كان ولا يزال المولد الكهربائي أحد أبرز هموم المواطن، فبعد أن دخلت البلاد في العتمة الشاملة نتيجة التخبط الحاصل في مؤسسة كهرباء لبنان، انتشرت المولدات وبات المواطن أسيراً لقرارات أصحابها.

فأصحاب المولدات الخاصة هم الذين يؤمّنون التغذية الكهربائية بدلاً من مؤسسة الدولة، وعلاقتهم مع وزارة الطاقة والمياه تقتصر على إصدار جدول الأسعار شهرياً في ضوء الأسعار الرائجة للمحروقات في البلاد، فيما تتولى وزارة الإقتصاد والتجارة مراقبة أصحاب المولدات لناحية التعرفة، كما أن عمل المولدات الخاصة في لبنان آنٍ فرضته الظروف، وبالتالي فهو عمل غير قانوني إذ يتم استعمال تجهيزات مؤسسة كهرباء لبنان، كما أن إنتاج وتوزيع الطاقة حق حصري للمؤسسة تحت وصاية وزارة الطاقة، ولكن نظراً إلى عدم قدرة المؤسسة على تأمين التغذية فقد بات أمراً واقعاً.

تنتشر المولدات في المناطق اللبنانية كافة مع غياب رقابة البلديات، إذ يكون دورها تنظيمياً لحماية البيئة والسلامة العامة من خلال الحد من أخطار انتشار الأسلاك الكهربائية بين البيوت وعلى الأسطح، كما من المفترض أن تعمل البلديات على تلقي الشكاوى وتسطير المخالفات بحق أصحاب المولدات المخالفة.

وبدلاً من أن تحمي البلديات المواطن من احتكار أصحاب المولدات أضحت شريكاً أساساً.

“مافيات” المولدات

يقول أحد أصحاب المولدات، أنه “لا يوجد أي إلتزام لدى أصحاب المولدات بتسعيرة وزارة الطاقة التي يجب أن تكون مبنية على سعر الكيلو-واط/ساعة الشهري، لكن ما يحدث أن التسعيرة تختلف من منطقة إلى أخرى”.

ويضيف: “على الرغم من أن وزارة الطاقة حددت تسعيرتها بالليرة اللبنانية أبلغناها بأننا لا نتقاضى إلا بالدولار الأميركي، ووعدتنا الوزارة بأنها ستعالح الموضوع ولكن لم يبادر أحد بالحل”، مشيراً في الوقت عينه إلى أن “أزمة المحروقات أجبرتنا أن ندفع بالعملة الأجنبية، وبالتالي نتقاضى ثمن اشتراك المولدات بالدولار”.

وعن كيفية التسعير فإن “تقاضي 100 دولار أميركي مقابل خمسة أمبير، إضافة إلى أنه يختلف من مكان الى آخر”. كما أضاف “أن البعض يرفض وضع عدادات مع تغذية بين ثماني إلى تسع ساعات في اليوم. ومن المفترض أخذ الرسوم بالعملة الأجنبية لأن المدفوعات لشراء المازوت بالدولار الأميركي.

وقال ” فالأمور مرتبطة بدولار السوق السوداء وارتفاعه المستمر،” هو كلام وحجج اعتدنا سماعها من مسؤولي البلديات والمولدات.”

ولدى سؤاله عن طبيعة تركيبة الاشتراكات، تكون الأجابة بأن هناك رسم اشتراك ثابت إضافة إلى الإستهلاك بموجب العدادات، وأنه يتجنب إبقاء أي مشترك من دون تركيب عدادات له، علماً بأن الصيغة التي يعتمدها لحساب قيمة المستحق شهرياً فيها الكثير من الغموض، وعند الإستفسار عن الأمر فضّل عدم الإجابة.

في المقابل يرى المواطنون أن الطريقة المعتمدة على تسعيرة وزارة الطاقة يتم التلاعب بها من قبل أصحاب المولدات والبلديات، إذ يعمدون إلى توزيع فواتيرهم مطلع الشهر ويتخلفون عن تحصيل المبالغ لأكثر من ثلاثة أيام، ليستطيعوا بعدها إعادة التسعير إعتماداً على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وبهذه الطريقة يجبون مبالغ إضافية غير قانونية.

يبدو أن أصحاب المولدات والبلديات اعتادوا على جني آلاف الدولارات شهرياً تحت مبرر الضرورة، لذلك فاعتباراً من بدء وزارة الطاقة اعتماد تسعيرة وسطية تراعي فيها كلفة المحروقات وتحديداً مادة المازوت وصيانة المولد خلال شهر كامل، تناقصت على أثرها نسبة الأرباح المحققة، وهو ما لم يأتِ على هوى أصحاب المولدات فعمدوا إلى التشكيك بآلية التسعير وركزوا على تدهور سعر الصرف في السوق الموازية، وبدأوا منذ أشهر بإطلاق التهديدات بأنهم سيصلون يوماً ما إلى إطفاء مولداتهم وحجب الكهرباء عن الناس.

 

وفي هذا السياق أشار الأكاديمي المتخصص في الإقتصاد بلال علامة إلى أن أصحاب المولدات تحت وابل التهديد والوعيد بدأوا منذ الشهر الماضي بجباية الرسوم المستحقة على الناس بالدولار الأميركي أو ما يعادلها على سعر الصرف في السوق السوداء، وكأنهم بهذه العملية أجروا إلتفافاً على آلية التسعير التي تفرضها وزارة الطاقة.

واعتبر علامة أنه في ظل غياب أي رقابة جدية استطاع أصحاب المولدات أن ينفذوا تهديدهم بجباية رسوم أكثر من المستحق لهم، اعتماداً على معادلة ثلاثية تقتضي احتساب الرسم المستحق بالدولار وإعادة تقييمه بحسب السوق السوداء.

إضافة إلى ذلك أشار علامة إلى أنه “لدى مراجعة مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد تبين أن حجم الرقابة يقتصر على تسجيل شكوى لن تؤول إلى محاسبة من يرتكب مخالفات قانونية، ولن تؤدي إلى حماية المواطن من السرقة التي تمارس بحقه، ففي الوقت الذي راهن معظم الناس على خطة وزارة الطاقة لتفعيل إنتاج الطاقة الكهربائية وتوزيعها بعدالة على كل المناطق اللبنانية، تبيّن أن حقيقة الأمر هي وصول الكهرباء بمعدل ساعتين كل 24 ساعة، وفي هذا الحال بقي المواطن اللبناني رهينة أصحاب المولدات من جهة ووزارة الطاقة من جهة أخرى.

وحتى الآن لم ولن ينتهي سيناريو هذا الفيلم، فقد انبثق جزء آخر يزيد على المواطن عبء، وهو الفاتورة الجديدة لكهرباء الدولة التي فاق عدد أصفارها ستةُ أصفاء … أي المليون ليرة لبنانية.

 

6772708560_3641287177_3624673995

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com