اليومفي مثل هذا اليوممعلومات اليوم

السلطان عبد الحميد الثاني

عبد الحميد الثاني السلطان الـ 34 من سلاطين الدولة العثمانية وآخر عظمائها

عبد الحميد الثاني السلطان الـ34 من سلاطين الدولة العثمانية وآخر عظمائها

عبد الحميد الثاني السلطان العثماني الـ34، ولد عام 1842 في إسطنبول، وتولى الحكم في الـ34 من عمره خلفا لعمه السلطان عبد العزيز عام 1876، في فترة كانت تعد فيها الدولة العثمانية بأضعف حالاتها، مما جعلها مطمعا مغريا للاستعمار الأوروبي، لذا تكالب عليه أعداؤه من كل الجهات، فتعرض للعديد من محاولات الاغتيال حتى عزله البرلمان إلى سالونيك عام 1909 بعد بقائه في الحكم 33 عاما، ثم توفي في إسطنبول عام 1918.

المولد والنشأة:

ولد عبد الحميد الثاني في إسطنبول يوم 21 أيلول 1842 بـ”قصر جراغان”، كابن للسلطان عبد المجيد الأول والسلطانة تيرمُجكان، وتتلمذ على يد أشهر مدرسي عصره فأتقن الفارسية والعربية والفرنسية، فضلاً عن تلقيه دروساً في الموسيقى، وزار مصر وأوروبا برفقة عمه السلطان عبد العزيز.

اعتلى عبد الحميد الثاني العرش العثماني، في 31 آب 1876، ليكون آنذاك السلطان الرابع والثلاثين من سلاطين الدولة العثمانية، والسادس والعشرين من سلاطين آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة، “ووفقاً لمعلومات نشرتها وكالة الأناضول في وقت سابق،”

جاء صعوده إلى العرش بعد خلع شقيقه مراد الخامس وعمه السلطان عبد العزيز، على خلفية مساعي رجال الدولة والإداريين لتأسيس صيغة إدارة مشروطية “دستورية” لحكم الدولة العثمانية.

وبعد ذلك بوقت قصير، جرى إعلان أول دستور للدولة العثمانية الذي عُرف باسم “القانون الأساسي”، في 23 كانون الأول 1876.

واجه السلطان عبد الحميد العديد من المشاكل فور اعتلائه العرش، ولعل أبرزها إعلان روسيا الحرب على الدولة العثمانية في 24 نيسان 1877.

ورغم الانتصارات التي حققها القائد عثمان باشا في بلفن” مدينة شمال بلغاريا” والقائد أحمد مختار باشا في الجبهة الشرقة، إلا أن المسار العام للحرب لم يتغير. إذ اضطرت جيوش الدولة العثمانية للانسحاب من مساحات واسعة وتعرضت إسطنبول وغيرها من المدن العثمانية لموجات هجرة حملت معها عشرات آلاف المهاجرين من المسلمين والأتراك.

وقّعت الدولة العثمانية في 3 آذار 1878، على معاهدة سان ستيفانو مع روسيا؛ لإنهاء الحرب الروسية العثمانية” “1877-1878″، التي أدت إلى ظهور دولة بلغاريا.

وفي 4 حزيران 1878، صادق السلطان عبد الحميد الثاني، على مضض، على معاهدة وقعت عليها الحكومة العثمانية بخصوص تسليم المملكة المتحدة مؤقتاً إدارة قبرص.

وفي عهد السلطان عبد الحميد، أُجبرت الدولة العثمانية، وفقاً لمعاهدة برلين الموقعة في 13 تمّوز 1878، على قبول دفع تعويضات لروسيا عن سنوات الحرب.

جمع السلطان عبد الحميد مراكز إدارات الدولة في قصر يلدز، بدعم وتأييد من بعض رجال الدولة، وأسس جهاز استخبارات قوي عُرف باسم “جهاز يلدز للاستخبارات”

سياسات داخلية وخارجية:

 

وأجبرت الصعوبات التي واجهتها السياسة الخارجية، وخاصة الدسائس التي حاكتها الدول الأجنبية ضد السلطنة، السلطان عبد الحميد الثاني على تطبيق نهج صارم في إدارة الدولة.

 

آمن عبد الحميد الثاني بضرورة الإصلاح وأن ظهور نتائج الإصلاح يتطلب إعطاء حركة الإصلاح الوقت الكافي، كما سعى إلى تجنيب الدولة الحروب العبثية وأعبائها الثقيلة.

 

حافظ السلطان عبد الحميد الثاني خلال فترة حكمه على نمط حياة بسيط، ولم يتوان قط عن المساهمة في دعم خزينة الدولة من ماله الخاص، وخفض مصاريف القصر إلى الحد الأدنى.

 

أعطى عبد الحميد الأولوية لدفع الديون الخارجية وتحسين القطاع الاقتصادي، وتوصل في 20 كانون الأول 1881 إلى اتفاقية مع ممثلي الدائنين الأوروبيين “عرفت باسم اتفاقية محرَّم”، جرى بموجبها تأسيس “إدارة الدين العام العثماني”، لهيكلة ديون الدولة والوفاء بها من خلال بعض عائدات الدولة.

 

بذل السلطان عبد الحميد الثاني جهوداً جمّة من أجل تعزيز العلاقات مع العالم الإسلامي وشرع ببناء ومد خطوط السكك الحديدية، وربط مدن الدولة ببعضها بواسطة تلك الخطوط.

 

كان الهدف الرئيسي في السياسة الخارجية، ضمان عيش الإمبراطورية بسلام؛ حيث استفاد السلطان من المصالح والأطماع المتضاربة للدول الغربية، ولهذا تغيرت السياسة الخارجية بموجب الظروف المتغيرة في العلاقات الدولية، ولم يدخل في اتفاقية مستدامة مع أي دولة، وقام بأنشطة دبلوماسية متنوعة بهدف شق صف الدول الكبرى قدر المستطاع.

 

وحاول السلطان عبد الحميد، عبر سياسة الاتحاد الإسلامي، مواجهة مساعي العملاء البريطانيين لنشر الفكر القومي العربي، وتعيين خديوي مصر خليفة بدعوى أن الخلافة من حق العرب.

 

وسعى السلطان عبد الحميد إلى نشر الإسلام في أقاصي الأرض مثل جنوب إفريقيا واليابان، من خلال ارسال العلماء، وأمر بتشييد خط الحجاز الحديدي الممتد من دمشق إلى مكة.

 

وتعتبر قضية فلسطين، من المسائل المهمة التي أبدى فيها السلطان عبد الحميد صلابة وحقق فيها نجاحاً جزئياً؛ حيث رفض عرضاً من الصهاينة بسداد الديون الخارجية، مقابل إقامة دولة لليهود في فلسطين.

 

كما اتخذ السلطان عبد الحميد سلسلة من التدابير للحيلولة دون هجرة اليهود إلى فلسطين، من أصقاع العالم، واستيطانهم فيها.

السلطان والماسونيون ومؤامرة جمعية كلانتي الماسونية

منذ تولي السلطان عبد الحميد دفة الحكم والماسونيون يخططون لإسقاطه، خاصة بعدما واجههم نافيا الصدر الأعظم مدحت باشا (عضو بارز في المحفل الماسوني)، ولعب محفلا ريزورتا المقدوني وفريتاس الموجودان في سالونيك باليونان الدور الأبرز في الإطاحة بحكم السلطان، علما أن رؤوس الاتحاد والترقي البارزة كانت أعضاء في المحافل الماسونية هذه.

مؤامرة جمعية كلانتي الماسونية: 

بعد شهرين من فشل المؤامرة الأولى، قررت جمعية “كلانتي سكالييري” (جمعية كلانتي وعزيز بك الماسونية السرية) عمل مؤامرة شبيهة بمحاولة سعاوي، فقد كانت حريصة على تعقب أخبار السلطان مراد خوفا عليه من القتل أو الإصابة بأي ضرر، وهدفت المؤامرة لإخراج السلطان مراد من قصره وإخفائه في قصر عزيز بك ثم تنصيبه سلطانا مكان السلطان عبد الحميد بعد تهيئة أنصار الجمعية لإعلان ذلك، ثم اغتيال عبد الحميد، لكنها عدلت عن الجزء الثاني.

حاولت الجمعية تنشيط عملها في الدعاية ضد السلطان عبد الحميد قبل تنفيذ مؤامرتها عن طريق نشر الملصقات في الشوارع، مستعينة بنساء يعملن داخل قصر جيراغان، اختار “الأستاذ الأعظم” “لمحفل برودوس الماسوني” كلانتي أن يقوم بمؤامرته في اليوم الذي قام فيه السلطان عبد الحميد بعزل الصدر الأعظم أدهم باشا “من الشخصيات المهمة التي اعتمد عليها الماسونيون” لكن أحد أعضاء الجمعية أبلغ السلطات المسؤولة، مما أحبط مؤامرتها بعد القبض على أعضائها وهم في اجتماع.

يقول السلطان في مذكراته عن الماسونيين “إنجلترا كانت دائبة على تسيير الفتن عن طريق الماسونية”، ويضيف أن الماسونية فكر علماني يخالف تكوين الدولة الإسلامية، حيث تقوم على “تعيين ولاة من الأقلية في ولايات الأغلبية فيها مسلمون”.

عزل السلطان عبد الحميد

عندما قدم وفد البرلمان (الذي أحياه السلطان) لإبلاغه بقرار عزله كان عبد الحميد جالسا على مكتبه مشغولا بكتبه، فاقتربوا منه قائلين “لقد عزلتك الأمة” فرد عليهم “تقصد أنهم خلعوني”، ثم قال لهم عبارته الشهيرة “أنا خليفة المسلمين وسلطانهم، وإن كان يجب أن يخلعني أحد فهم المسلمون، أما أحدكم فيهودي، والآخر فأرمني وثالثكم ناكر للجميل”.

 

وقد كان الوفد الذي أتاه في 27 أبريل/نيسان 1909 فيه اليهودي إيمانويل قراصو والأرمني آرام أفندي والألباني أسد توبيتاني والعثماني عارف حكمت وسعد الأرناؤوطي، الذين قرروا نفي السلطان وأسرته إلى منطقة سالونيك معقل الماسونية العثمانية واليهود اليونانيين

وحين خلعوه إجبارا وتهديدا بقتل شعبه، قال “عملتُ 33 عاما من أجل دولتي وشعبي.. الله سيحاسبني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو من يحق له أن يحاكمني، سلَّمتُ هذه المملكة كما استلمتها، ولم أبِع شبرا من الأرض، وماذا أفعل إذا كان أعدائي قد أرادوا تشويه كل خدماتي، وقد نجحوا في ذلك”.

 

مكث عبد الحميد بضع سنوات مشتغلا بحرفة النجارة التي كان يتقنها إلى جانب الحدادة، لكن وصول القوات اليونانية المتمردة إلى سالونيك أدى إلى نقل السلطان بعد 3 سنوات إلى قصر بكلربكي بإسطنبول إثر اندلاع حرب البلقان الأولى (الحرب العثمانية البلقانية) في تشرين الثاني.

إنجازات متعددة:

 

نفذ السلطان عبد الحميد خطوات مهمة في مجالات التعليم والإسكان والزراعة.

فقد ارتفع عدد المدارس بمراحلها المختلفة بشكل كبير، وارتفع عدد دور المعلمين “بمثابة معهد عالي لإعداد المدرسين” إلى 32 بين أعوام 1876 و1908.

حيث افتتح العديد من المعاهد العليا لتخريج الكوادر المؤهلة في مجالات الزراعة والمالية والقانون والطب البيطري والتجارة وغيرها، وحرص السلطان على تطوير القطاع الصحي والمساعدات الاجتماعية؛ حيث شهد عهده بناء مدرسة “حيدر باشا” الطبية، ومشفى الأطفال في حي شيشلي بإسطنبول الذي بناه من ماله الخاص، ودار العجزة الذي تكفل بجزء من تكاليفه.

من ناحية أخرى، انتشرت غرف الزراعة والتجارة والصناعة في عهد السلطان عبد الحميد في أرجاء الإمبراطورية، وازداد في ظل حكم السلطان عبد الحميد الإعداديات العسكرية، وجرى تحديث أسلحة الجيش العثماني بأسلحة حديثة، وفي مجال القانون، جرى تحقيق تطورات مهمة أيضاً؛ حيث استُصدرت قوانين جنائية وتجارية، وأعيدت هيكلة جهاز الشرطة، على غرار الأجهزة في الغرب.

وفاته:

بقي عبد الحميد في قصر بيلار بايي، وزاد وضعه الصحي سوءً بعد إصابته بإنفلونزا شديدة، حتى توفي من مضاعفات المرض في 10 شباط 1918 عن عمر يناهز 76 عاما، أي قبل 9 أشهر من انتهاء الحرب العالمية الأولى، وبتعليمات من السلطان رشاد دفن في مقبرة السلطان محمود الثاني بمراسم جنازة سلطانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com