
كتبت رزان غازي؛ التّلمود اليهـ-ـوديّ، يقلب السّحر على السّاحر، و “برمودا” غرب آسيا، يبتلع إحدى زواياه، بين لبنان، فلسـ-ـطين، وإسـ-ـرائيل.
-
فالسّقوط بعد الحرب من نصيب مَن؟
غـ-ـزّة، طوفان الأقـ-ـصى، فلسـ-ـطين، رفح، الجنوب اللّبنانيّ، الضّـ-ـفّة، وغيرها من المصطلحات الّتي رافقت ألسنة وسائل الإعلام، ورافقتنا في الأيّام الأخيرة… لتصيّر العالم نهرًا يصبُّ في رافد واحد. بين داعم ومقاتل، ومموّل السّـ-ـلاح، هل باب المسجد الأقـ-ـصى، يضيع مفتاحُه؟
تعدّدت تصريحات رئيس الحكومة الإسـ-ـرائيليّة بنيامين نتنـ-ـياهو بشأن إدارة قطاع غـ-ـزّة. وكان أكثرها تأكيد على رفضه قرار مجلس الأمن الدّوليّ ومقترحات الرّئيس الأميركيّ جو بايدن بشأن صفقة التّبادل ووقف إطلاق النّار. وكان نتنـ-ـياهو قد قال إنّه ليس مستعدًّا لإقامة دولة فلسـ-ـطينيّة، ولن يسمح بتسليم قطاع غـ-ـزّة للسّلطة الوطنيّة الفلسـ-ـطينيّة. وقال أيضًا إنه ليس مستعدًّا لإبقاء الوضع على حاله في جبهة الشمال على حدود لبنان. كما أنّه يجري الاستعداد لوضع خطط، لكنّه رفض الخوض في التّفاصيل.
وأضاف أنّ إسـ-ـرائيل تخوض حربًا على سبع جبهات: مع حركة المقـ-ـاومة الإسـ-ـلاميّة (حمـ-ـاس) وحـ-ـزب الله في لبنان، والحـ-ـوثيّين في اليمن، والفصائل المسـ-ـلّحة في العراق، وفي سوريا، والضّـ-ـفة الغربيّة، وإيـ-ـران. ناسيًا الجبهة الواقفة ضدّه، وهو “وزير الجريمة” على حد قولهم.
-
نتنـ-ـياهو في مأزق مواجهة شعبه!
هذه بعض الشّعارات الّتي ردّدها عشرات آلاف المتظاهرين في تل أبيـ-ـب ضدّ حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنـ-ـياهو، مطالبين بإجراء انتخاباتٍ مبكرةٍ وبعودة الرّهائن المحتجزين في غـ-ـزّة، حيث شارك فيها أكثر من مئةٍ وخمسين ألف شخص في التّظاهرة التي وُصفت بأنّها الأكبر منذ اندلاع الحرب في غـ-ـزّة.
واستلقى عدد من المتظاهرين أرضًا ملطّخين بالطّلاء الأحمر في ساحة الدّيمقراطية بالمدينة، احتجاجًا على ما يقولون إنّه مـ-ـوت الدّيمقراطية في البلاد في عهد نتنـ-ـياهو.
إثر هذا، يواصل المسؤولون الإسـ-ـرائيليّون حديثهم عمّا يسمّونها “المرحلة الثّالثة” من العمليّة العسكريّة في غـ-ـزّة، حيث تساءل الخبير العسكريّ والإستراتيجيّ العراقي العقيد الرّكن حاتم كريم الفلاحي عن إمكانات جيش الاحتـ-ـلال التي تتيح له فتح جبهات أخرى في الضّـ-ـفّة الغربيّة ولبنان،
مؤكّدًا أنّ حديث الاحـ-ـتلال عن “المرحلة الثّالثة” اقرار بحد ذاته على الفشل الذريع في تحقيق الاهداف الّتي شنّها على قطاع غـ-ـزّة، وبحسب التّقارير الصّحافيّة، فإنّ الجيش الإسـ-ـرائيليّ يسابق الوقت اذ لديه عدد قليل من الأسابيع للانتهاء من عمليّة رفح، والانتقال إلى مرحلة جديدة من القتال.
-
جيش نتنـ-ـياهو يتبعثر!
تستوقفنا هنا العبارات الّتي بتنا نسمعها تتردد في الأوساط الإسـ-ـرائيليّة، بعد اتّهام “سارة” زوجة نتنـ-ـياهو برغبة القادة في الانقلاب على زوجها، وهذا ما قاله نجله “يائير” في اتّهامه لبعض ضبّاط الأمن العام بالخيانة في مواجهة هجمات حمـ-ــاس في السّابع من تشرين الأوّل – أوكتوبر. فهل يفعلها جيش نتنـ-ـياهو ويطعم العسلَ لمن دسّ السّمَّ فيه؟
كما تزامن ذلك مع ما صرّح به رئيس بلديّة حيفا “يونا ياهف”، يوم الأحد، “لا أستطيع القول إنّنا جاهزون بشكل مطلق للحـ-ـرب مع حـ-ـزب الله لأنّ الحكومة لا تتعاون معنا، فكلّ المصانع الملوّثة يجب إخراجها من حيـ-ـفا لأنّها أهداف لحـ-ـزب الله”.
وأردف، “أنا أقول منذ حرب لبنان الثّانية إنّه يجب الانتباه واحترام حـ-ـزب الله فهو جيش يتدرّب طوال الوقت، في حين نقوم كلّ يومٍ بدور شرطة عسكريّة ولا نتدرّب”.
واكد في تصريحه بأن الحكومة الإسـ-ـرائيليّة تنسى شعبها والبلديّة تقوم بكل شيءٍ لوحدها
وبعد أن شهد شاهد من أهله، لا بدّ الاشارة من تراجع القدرات العسكريّة لدى نتنيـ-ـاهو، – خصوصًا بعد ان طلب الجنود من قادتهم الانسحاب إلى قواعدهم الأساسيّة وعدم الولوج إلى حدود لبنان. إثر عدم تحقيق ما صبَوا إليه – على اثر ما نشرته صحيفة “إسـ-ـرائيل اليوم” العبريّة في مقال بانّه في حال لم تنسحب “إسـ-ـرائيل” من غـ-ـزّة، فسوف تغرق في وحلها، كما حدث في حرب لبنان الأولى.
وقد اعترفت الصحيفة ايضاً: “أن حمـ-ـاس تكيّفت بسرعة نسبيّة مع وضع القتال الجديد. كما تحوّلت المعارك إلى حرب العصابات الّتي تسعى إلى استغلال نقاط الضّعف لدى الجيش الإسـ-ـرائيليّ”.
وكلّ ذلك جلّ ما يوضح العجز عن فتح المواجهة مع لبنان، الّا تحت ظرفٍ واحدٍ، يمكن أن يلجأ إليه نتنيـ-ـاهو؛ من شأنه ان يمدّد للوقت عقارب، فما هو؟
-
استيطان الجنوب
سنّارة قد تسحب نتـ-ـنياهو إلى نقطة القوّة من جديد. فجماعة الاستيطان في الجنوب التي تميزت في اطلالتها الاخيرة في ظهور “صهر نتانياهو المدلل” هم جماعةٌ تطالب عبر مؤتمرات الانترنت والمناشير بالانتقال للعيش في الجنوب اللّبنانيّ. حيث يعتبرون أنّ هذه الأرض – حتّى ضفاف نهر اللّيطاني- من الأراضي اليهـ-ـوديّة المقدّسة حسبما ورد في التّوراة. خطوة يعتبرها اعضاء الجماعة خطة لتخفيف الضغط عن الجبهة الشّماليّة في فلسطين، كما أنّ ذلك سيزيد من التّوغّل في العمق اللّبنانيّ، وسيمكّن من انتقال القصف وأعمال الحرب وسط لبنان.
والجدير بالذّكر انّ مناصري هذه الحركة، عقدوا مؤتمرًا حضره عدد من الشّخصيّات والمسؤولين الاسـ-ـرائيليّين. أبرزهم حاجي بن أرتزي شقيق سارة – زوجة رئيس الوزراء الإسـ-ـرائيليّ بنيامين نتنـ-ـياهو، الذي اكد بقوله “نحن لسنا متطرّفين، ولا نريد مترًا وراء نهر الفرات”.
-
{وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} – سورة النمل
ردًّا على نتنـ-ـياهو، نشر الإعلام الحـ-ـربيّ لحـ-ـزب الله مشاهد مصوّرةٍ تتضمّن مسحًا دقيقًا لمناطق في مدينة حيفا وشمال فلسـ-ـطين المحـ-ـتلة.
وفي أولى حلقات “هذا ما عاد به الهدهد”، تناول الحـ-ـزب ثلاثة مستويات في بنك الأهداف. وكانت مدنيّة وعسكريّة واقتصاديّة، في إشارة إلى التكلفة الباهظة التي ستتكبّدها إسـ-ـرائيل إذا اندلعت الحرب بينهما.
وبينما علّقت وسائل إعلام إسـ-ـرائيليّة على فيديو حـ-ـزب الله بالقول إنّ “الوثائق الجديدة هي أكثر إثارة للقلق منذ بداية الحرب! وفيها يمكن رؤية حيفا”. كان اللّافت نشر الفيديو مع الزّيارة التي قام بها مستشار الرّئيس الأميركيّ اموس هوكشتاين إلى لبنان حاملًا رسالة تهديد بالحـ-ـرب.
-
بين “التليغراف” ومطار بيروت!
لهذا، تفجّرت قنبلة الاتّهامات. حيث قامت صحيفة “التّلغراف” البريطانيّة بنشر تقرير يفيد بأنّ “حـ-ـزب الله اللّبنانيّ يقوم بتخزين كميّات هائلة من الأسـ-ـلحة والصّـ-ـواريخ والمتفجّرات الإيـ-ـرانيّة في مطار رفيق الحريري الدولي في ييروت، منها صواريخ قصيرة المدى”.
ولفتت إلى أنّ “صناديق كبيرةٍ غامضةٍ تصل على متن رحلات جويّة من إيـ-ـران إلى مطار بيروت”، موضحة أنّ “الحـ-ـزب يستخدم المطار منذ سنوات ما قد يجعله هدفًا لإسـ-ـرائيل”.
وذلك ما أدلى به “أحد عمّال المطار” بحسب صحيفة التليغراف. حيث قال: “هذا أمر خطير للغاية، فالصناديق الكبيرة الغامضة الّتي تصل على متن رحلات جويّة مباشرة من إيـ-ـران! هي علامة على أنّ الأمور أصبحت أسوأ”. مضيفًا: “عندما بدأوا بالمرور عبر المطار، شعرت أنا وأصدقائي بالخوف لأنّنا علمنا أن هناك شيئًا غريبًا يحدث”.
كما قارن: “الانفـ-ـجار المحتمل في المطار، بالانفـ-ـجار الذي هزّ المرفأ وألحق أضرارًا كبيرةً في وسط مدينة بيروت عام 2020”.
وقد صرّحت الصّحيفة نقلًا عن موظّفين آخرين في مطار بيروت: “انّ عناصر من “حـ-ـزب الله” يمنعوننا من فحص الصّناديق الآتية من إيـ-ـران”. وأكّد مبلّغ آخر: “منذ سنوات وأنا أشاهد “حـ-ـزب الله” وهو يعمل في مطار بيروت، ولكن عندما يفعلون ذلك في أثناء الحـ-ـرب، فإنّ ذلك يحوّل المطار إلى هدف..”
وأكمل المبلّغ: “أنهم إذا استمرّوا في جلب هذه البضائع، دون أن يُسمح لي بالتّحقق منها، فأنا أعتقد حقّا أنّني سأموت من الانفـ-ـجار أو سأموت من قصف إسـ-ـرائيل للبضائع”.
وأضاف: “نحن لسنا وحدنا، بل النّاس العاديّون، الأشخاص الّذين يدخلون ويخرجون، ويذهبون في عطلة.. أما إذا تم قصـ-ـف المطار، فإن لبنان سينتهي”.
كما يقول العاملون في المطار أنّ وفيـ-ـق صفا، مسؤول وحدة الارتباط والتّنسيق في الحزب، أصبح شخصيّةً غير معتادةٍ في المطار. وأنه يتردد دائمًا إلى جمارك المطار”.
وكان الجيش الإسـ-ـرائيليّ قد ذكر في بيان: “إنّ استراتيجيّة حـ-ـزب الله لإخفاء الأسـ-ـلحة والعمل من الأحياء المدنيّة تنبع من نواياه لجذب جيش إسـ-ـرائيليّ إلى استهداف هذه المناطق المدنيّة في أوقات التّصعيد”.
-
لبنان يتدارك الأمر ويواجه “التليغراف”
أتى التّقرير نردًا يحرّك أقراص الطّاولة، لتتأهّب الجهتان نفيًا وتوضيحًا. فقد سارع وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال بالنّفي، قائلًا إنّ “الجمارك اللّبنانيّة تمثّل الدّولة في حماية مطار بيروت. كما لا يمكن التّشكيك فيها”.
بدوره، نفى اتّحاد النّقل الجويّ في لبنان، ما زعمته صحيفة “التّلغراف” بشأن وجود أسلحةٍ وصواريخ يخزّنها الحـ-ـزب في مطار بيروت. وقال: “طالعتنا صحيفة التّلغراف بخبر وجود أسلحةٍ وصواريخ في مطار بيروت من دون تقديم أيّ دليلٍ أو برهانٍ. بل مجرّد أضاليل وأكاذيب هدفها تعريض مطار بيروت والعاملين فيه، الّذين كلّهم مدنيّون، والعابرين منه وإليه وكلّهم مدنيّون، للخطر”.
بحثُ نتنـ-ـياهو عن خطط وهميّةٍ، وانجازات تُبنى في المخيّلة فقط. فضلًا عن اسقاطاته – وحلفائه لما هو غير موجود، بل مفبرك، وما تبعه من تقارير وأخبار تُنزل الحـ-ـزب الى ساحة الاتّهامات. فذلك أجّج نيران التّحليل والتّوقّعات لما ستؤول إليه هذه الحرب. وكلٌّ حمل السّلاح الذي يناسبه. الّا انّ اللّافت كان رجوع البعض إلى ما ورد في القرآن الكريم، حججًا لاستدراك سير الأحداث.
-
احتلال القدس ست مرات!
وانتشرت مقاطع فيديو يُحكى فيها بأنّ القـ-ـدس تمّ احتلالها ستَّ مرّاتٍ عبر التّاريخ. حيث استـ-ـشهدوا بما أورد الإمام البخاري في صحيحه. عن عوف بن مالك، قال: أتيت النّبيّ في غزوة تبوك، وهو في قبّة من أدم، فقال: {اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقـ-ـدس، …}.
كما استـ-ـشهدوا بآياتٍ تجسّد ما يمر به يهود اليوم: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ. وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾ سورة الإسراء ( 6). فإسـ-ـرائيل تمتلك احتياطًا ماليًا كبيرًا، ويعتبر جيشهم رابع أقوى جيش في العالم. ولا ننسى دعم أكبر أقطاب العالم لهم كأوروبا وأميركا رغم توتّر العلاقات.
فقد أشارت مقاطع الفيديو إلى آيات تثبت ان بني إسـ-ـرائيل سيعودون بلا أرضٍ لهم، مشتتين. وسيسلّموا الأقصى لمسلمي غـ-ـزّة مرّةً أخرى. أما هذه الآيات فهي: ﴿فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة. وليتبروا ما علوا تتبيرا عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا﴾ سورة الإسراء (7).
فهل تكون نهاية نتنـ-ـياهو وجيشه قريبًا؟ وهل سيصدق مفسرو الآيات في تحليلهم؟



