تحقيقاتخاص

خاص بِكَفّيكم| عاصفة سياسية في الأفق: هل تفتح محاولة اغتيـ-ـال ترامب أبواب جهنم لأزمات الجديدة تحت قيادة هاريس؟

الولايات المتحدة على مفترق طرق: بايدن ينسحب ويختار كامالا هاريس لخلافته في سياق الاضطرابات السياسية

 

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في حدث سياسي غير مسبوق، عن قرار صادم بإسقاط ترشحه لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات القادمة، داعمًا في الوقت نفسه نائبة الرئيس كامالا هاريس لتكون خليفته في السباق نحو البيت الأبيض. هذا الإعلان جاء في وقت حساس تخللته أحداث تاريخية هامة، أبرزها محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب، مما جعل من قرار بايدن لحظة مفصلية في تاريخ السياسة الأمريكية.

جو بايدن: قرار غير متوقع في ظل الاضطرابات السياسية

 

وقف الرئيس جو بايدن في 21 تموز 2024، أمام الصحافة ليكشف عن قراره المفاجئ بالتنحي عن الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 5 تشرين الثاني المقبل. كلمته كانت محملة بالعواطف والرمزية، حيث أشار إلى أن هذا القرار لم يكن سهلاً، ولكنه كان مدفوعًا بإحساس عميق بالمسؤولية وبالإيمان بقدرة نائبة الرئيس كامالا هاريس على قيادة الأمة نحو مستقبل أفضل.

 

وقال بايدن بصوت يملأه التأثر: “لقد قمت بكل ما بوسعي لخدمة هذا البلد، وقد حان الوقت الآن لتسليم راية القيادة إلى من أؤمن بأنها قادرة على مواصلة هذا المسير. كامالا هاريس هي من ستقودنا نحو غدٍ مشرق، وهي تجسد كل القيم التي نحتاجها لمواجهة تحديات المستقبل.”

 

كامالا هاريس: من النشأة إلى الصعود السياسي

كامالا دافي هاريس، التي ولدت في 20 تشرين الأول 1964 في أوكلاند في ولاية كاليفورنيا، نشأت في بيئة تتسم بالتنوع العرقي والثقافي. ابنة الباحثة الهندية شيامالا غوبالان والاقتصادي الجامايكي دونالد هاريس، نشأت هاريس في حي بيركلي حيث كان أنموذجًا للتنوع الاجتماعي في أمريكا.

 

عبرت هاريس عن تأثير والدتها العميق في تشكيل شخصيتها، حيث تقول في أحد كتبها: “لا يوجد لقب أو شرف على الأرض سأعتز به أكثر من القول إنني ابنة شيامالا غوبالان.” نشأت في مجتمع أمريكي بمزيج من الثقافات والعرقيات، وقد شكلت هذه الخلفية أساسًا لتفوقها في مسيرتها السياسية.

 

بدأت هاريس مشوارها من مناصب قضائية هامة في سان فرانسيسكو وكاليفورنيا، وصولاً إلى مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث تميزت بمواقفها القوية في مواجهة قرارات إدارة ترامب. في عام 2019، خاضت معركة انتخابية طموحة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وتصدرت العناوين بتحديها الجريء لبايدن حول مواقفه السابقة من قضايا الحقوق المدنية، قبل أن تسحب ترشيحها وتدعم بايدن في حملته الرئاسية.

 

وفي آب 2020، تم اختيارها لتكون نائبة للرئيس، لتصبح أول امرأة أميركية من أصل أفريقي – هندي تتولى هذا المنصب، مما أضفى طابعًا تاريخيًا على منصبها.

 

في 19 تموز 2024، اهتزت الولايات المتحدة على وقع محاولة اغتيال غير مسبوقة استهدفت الرئيس السابق دونالد ترامب. الحادثة، التي وقعت في إحدى فعالياته العامة في نيوجيرسي، وقد خلّفت حالة من الفزع والصدمة في الأوساط السياسية والإعلامية. الهجوم، الذي أسفر عن إصابات طفيفة في صفوف الحرس الشخصي لترامب ونجاة الرئيس السابق، جاء في وقت كانت فيه البلاد تعاني من أزمات سياسية واجتماعية متفاقمة.

 

التحقيقات الأولية أظهرت أن الشخص المشتبه به في محاولة الاغتيال كان مرتبطًا بجماعة مناهضة للحكومة، مما أضاف طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد السياسي الأمريكي المتأزم. هذا الحدث صبَّ الزيت على نيران التوترات التي تعصف بالولايات المتحدة، والتي كانت بالفعل تحت ضغط الانشقاقات الحزبية المتصاعدة واحتجاجات المواطنين المتزايدة ضد السياسات الحكومية.

 

تأثير محاولة الاغتيال على المشهد السياسي

 

كانت محاولة اغتيال ترامب بمثابة جرس إنذار للحالة السياسية في البلاد، حيث أعادت إلى الأذهان مخاوف الانزلاق إلى فوضى سياسية أكبر. الهجوم سلط الضوء على الانقسام العميق الذي تشهده الولايات المتحدة، والذي تأجج بفعل الاستقطابات السياسية الحادة والأزمات الاقتصادية المتفاقمة.

 

في هذا السياق، جاء قرار بايدن بالانسحاب من الترشح وتأييد كامالا هاريس مرشحة لخلافته، خطوة تتماشى مع التحديات التي تواجهها البلاد. من الواضح أن محاولة اغتيال ترامب لم تكن مجرد حادث عابر، بل كانت بمثابة نقطة تحول زادت من حدة الأزمة السياسية، مما جعل قرار بايدن بالانسحاب من الترشح يبدو خطوة ضرورية تهدف إلى إعادة توجيه البوصلة السياسية نحو الاستقرار والتهدئة.

 

ربط محاولة اغتيال ترامب بقرار بايدن

 

قرار بايدن بالانسحاب وتعيين كامالا هاريس خليفة له كان مدفوعًا بجزء كبير من السياق الذي أفرزته محاولة اغتيال ترامب. في ظل تصاعد التوترات وارتفاع منسوب المخاطر على المستوى الوطني، رأى بايدن أن التغيير القيادي قد يكون أفضل سبيل لمواجهة التحديات المتزايدة. سعى بايدن، من خلال هذا القرار، إلى إرسال رسالة قوية مفادها أن القيادة القادمة ستكون قادرة على تجسير الهوة بين الأطراف المتنازعة واستعادة الثقة في المؤسسات السياسية.

 

بالتالي، فإن محاولة اغتيال ترامب لم تكن مجرد حدث منفصل، بل كانت جزءًا من سلسلة من الأزمات التي دفعت بايدن إلى اتخاذ قرار مصيري بإفساح المجال لكامالا هاريس لتقود المرحلة القادمة من تاريخ الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com