
كتبت شيماء الخطيب لموقع بِكَفّيكم؛ “عملية رفح” هي من آخر ابتداعات نتانياهو في حربه المستمرة على غزة، منذ سبعة أشهر. سيطرت قوات العدو الإسرائيلي صباح يوم الثلاثاء الماضي على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، كما شنّت العديد من الهجمات المعادية هناك. هذه الخطوة، أظهرت خلافاً مخفياً بين نتنياهو وواشنطن، فما حقيقة هذا الخلاف وما هو موقف مصر من هذه المعركة؟
كما ذُكر سابقاً، باشرت إسرائيل عمليتها على منطقة رفح الفلسطينية، الواقعة جنوب غزة الاسبوع الماضي، ولا تزال هذه العملية مستمرّة حتى هذه اللحظة. وأتت هذه الخطوة بعد فشل المفاوضات التي حصلت بينها وبين مصر وقطر والولايات المتحدة وحماس.
وسيطرت دبابات العدو يوم الجمعة ١٠ أيار ٢٠٢٤، على الطريق الرئيسي الفاصل بين النصفين الشرقي والغربي لرفح، مما أدى فعلياً إلى تطويق كامل للجانب الشرقي للمدينة. وروى سكان المنطقة وقوع انفجارات وإطلاق نار دون انقطاع تقريباً شرق وشمال شرق المدينة، مع اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات الاحتلال وحماس والجهاد الإسلامي. كذلك، أمرت إسرائيل المدنيين بإخلاء النصف الشرقي من المدينة مما أجبر الآلاف على البحث عن مأوى خارجها، بعد أن كانت الملاذ الأخير لأكثر من مليون فرّوا من مناطق أخرى من القطاع خلال الحرب.
فيبدو أنّ إسرائيل مصرّة على إكمال هذه العملية حتى النهاية، حيث ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن التوغل في رفح قد يستمر نحو شهرين أو أكثر.
هذا الأمر بالطبع أظهر خلافاً بين إسرائيل وحلفائها خصوصاً واشنطن، الداعم الأكبر لها، والتي رفضت اجتياح رفح وعلّقت شحنة ذخائر شديدة الانفجار إلى إسرائيل. فهل فعلاً هناك خلاف بين أميركا وإسرائيل؟
يقول المحللون إنّ تعليق واشنطن لشحنة الذخائر لا يعكس خلافاً بين بايدن ونتنياهو بل على العكس، واشنطن قبلت عملية رفح، لكن الخلاف مع إسرائيل يكمن في طريقة الدخول إلى المدينة. إذ يسعى بايدن إلى تجنب قتل المزيد من المدنيين بالأسلحة الأميركية، لأنّ عواقب الأمر ستكون وخيمة عليه، خصوصاً وأنّه على مشارف انتخابات رئاسية.
من جهته، يسعى نتانياهو لإنقاذ نفسه، ولذلك، يصرّ على المضي قدماً في هذه الحرب. يشير المحللون أيضاً إلى أنّ بايدن ضعيف أمام نتانياهو *واللوبيات* الصهيونية، ولا يملك سوى تعليق بعض شحنات الأسلحة أو الامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، أو الضغط على إسرائيل من خلال الأمم المتحدة. كما يؤكد هؤلاء أن نتانياهو يريد فرض سيطرته على كل المعابر بما في ذلك معبر رفح لرفع سيطرة حماس عنها، مضيفين أن بايدن منحه الضوء الأخضر لفعل ذلك، عندما قال المسؤولون الأميركيون إنّ حماس لم توافق على مقترح الهدنة وإنما أبدت بعض التعديلات عليه.
اوروبا ترفض!
“عملية رفح” استدعت رفضاً أوروبياً كبيراً بما في ذلك، تهديد إسرائيل بعدم إرسال الأسلحة في المستقبل. حيث دعت فرنسا إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح “بلا تأخير”، بحسب ما ورد في بيان الخارجية الفرنسية. كما شددت على ضرورة العودة إلى مسار المفاوضات لأنه “السبيل الوحيد الممكن” للدفع باتجاه إطلاق سراح المحتجزين والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
بدوره، أعلن وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، أنّ برلين تدرس وقف إرسال مزيد من الأسلحة إلى إسرائيل في حال إقدامها على اجتياح واسع لمدينة رفح، مشيراً إلى أنّه يتفهم قرار واشنطن بوقف إرسال شحنة من الذخائر إلى إسرائيل.
مصر تلوّح بإلغاء معاهدة السلام!
من جهة أخرى، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن مسؤولين مصريين حذروا مدير المخابرات الأميركية وليام بيرنز، من إلغاء اتفاقية السلام في حال استمرت إسرائيل في عمليتها على رفح.
وأفادت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أن المسؤولين المصريين أبلغوا بيرنز بضرورة ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل وإجبارها على إنهاء عمليتها في رفح والعودة إلى المفاوضات بجدية، وإلا ستعمل القاهرة على إلغاء معاهدة السلام معها.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه للمرة الأولى منذ بداية هذه الحرب، طلبت مصر من سائقي شاحنات المساعدات، إخلاء رفح، كما عززت إجراءاتها الأمنية وسط مخاوف من حدوث تدهور في المنطقة.
إذاً، يبدو أنّ رفح هي “القشة التي قسمت ظهر البعير” بين إسرائيل وحلفائها، حيث بدأت خلافاتهم -ولو أنها صغيرة- تظهر إلى العلن، خصوصاً مع تزايد الضغط الشعبي الذي لا يمكن تجاهله في أوروبا وأميركا، فهل باتت خسارة نتانياهو لهذه الحرب قريبة؟



