
خواطر اليوم: متى نكبر؟
نظن أننا نكبر حين نطوي أعوامنا في صندوق الزمان، ونعدُّ الأيام بحفنة من الأعياد والمناسبات. لكن، هل نكبر حقًا حين تُضاف شمعة إلى كعكة الميلاد؟ أم نكبر حين نرى العالم بنظرة مختلفة، حين نفهم أن الأحلام ليست دائمًا وردية وأن الحياة قد تأتي أحيانًا بمفاجآت لا تشبه ما نرسمه في مخيلتنا؟
نكبر حين ندرك أن القوة ليست في الصراخ بل في الصمت عند الحاجة، في الانحناء عند الريح وليس في مقاومتها. نكبر حين نعرف أن الجمال ليس في المظهر، بل في الصبر والتسامح، وحين ندرك أن الحب ليس فقط في الكلمات، بل في الأفعال البسيطة التي تنبض بالقلب.
نكبر حين نصبح قادرين على البكاء دون خجل، والضحك دون خوف، وحين نعترف بأننا لسنا كاملين، وأن في نقصنا جمالًا. نكبر حين نفهم أن الحياة ليست سباقًا لنصل إلى خط النهاية، بل رحلة نستمتع بكل خطوة فيها، بكل لحظة، بكل تجربة.
نحن نكبر حين نتصالح مع ماضينا، ونقبل حاضرنا، وننظر إلى المستقبل بعيون مليئة بالأمل. نكبر حين ندرك أن النضج ليس بكمية السنين التي تمر، بل بكمّ المشاعر التي نعيشها، والمواقف التي نتعلم منها.
فمتى نكبر؟ ربما نكبر كل يوم، بلحظة صغيرة، بتجربة جديدة، بدرس لم نكن نعرفه من قبل. نكبر حين نحب بلا حدود، ونعطي بلا انتظار، ونعيش الحياة بكل ما فيها من تناقضات وجمال.
بقلم :هويدا أبو الحسن

