الذكرى الـ14 للثورة السورية.. “ذكرى مختلفة هذه السنة”
الذكرى الـ14 للثورة السورية ولكنها ذكرى مختلفة هذه السنة.. كيف بدأت؟ وما هي أبرز مراحلها؟

الذكرى الـ14 للثورة السورية “ذكرى مختلفة هذه السنة”
في ذكرى إندلاع الثورة السورية ضد نظام الأسد: كيف بدأت؟ وما هي أبرز مراحلها؟
انطلقت الثورة السورية من احتجاجات شعبية عفوية سلمية في المناطق السورية المهمشة عام 2011 تطالب بالحرية والكرامة والانعتاق، ووضع حد للقمع والفساد والدكتاتورية، لكنها سرعان ما عمت معظم مناطق سوريا. وقمع نظام الرئيس بشار الأسد بالسلاح المظاهرات السلمية فسقط مئات الآلاف من الضحايا، وتشرد الملايين نزوحا في الداخل السوري ولجوءاً في مختلف بقاع العالم، وتحولت سوريا إلى أزمة دولية وساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية.
ما قبل الانطلاق:
فكرّ السوريون بإحداث تغيير سياسي حقيقي، بعد تحقيق “الربيع العربي” الذي انطلق بالثورة التونسية في 17 كانون الأول 2010، تبعها سقوط النظامين المصري والليبي..
بدأت بشرارة شيئًا فشيئًا وتتالت الأحداث، ووصلت إلى اعتصام نظّمه ناشطو المجتمع المدني أمام السفارة الليبية تأييدا للثورة الليبية يوم 22 شباط 2011، ورددوا فيها شعارات تطالب بالحرية مثل “يا حرية وينك وينك حكم معمر بينا وبينك”، وشعار “خاين يلي بيقتل شعبو”.
لكن الشرارة الكبرى كانت” في مدينة درعا “حيث اعتقلت قوات الأمن السورية مجموعة من الأطفال من مدرسة الأربعين نهاية شهر شباط 2011، على خلفية كتابتهم عبارات على سور مدرستهم مثل “الشعب يريد إسقاط النظام” و”إجاك الدور يا دكتور”، محاكاة للعبارات التي رفعها المتظاهرون في دول الربيع العربي.
واقتيد الأطفال إلى فرع الأمن السياسي في درعا وتعرضوا للتعذيب، وحين خرج أهالي درعا للمطالبة بمعرفة مصير أولادهم جاءهم الرد من رئيس فرع الأمن السياسي عاطف نجيب، قريب بشار الأسد، وطلب منهم العودة ونسيان أطفالهم وإنجاب أطفال آخرين. مما مهد لخروج مظاهرات شعبية لاحقا في درعا.
شهد تاريخ 15 آذار انطلاق الثورة السورية بأول مظاهرة نظمها ناشطو المجتمع المدني في سوق الحميدية وسط دمشق، حيث ردد المتظاهرين شعارات تنادي بالحرية منها “الله سورية حرية وبس”، فسارعت قوات الأمن إلى مهاجمة المظاهرة وفضها واعتقال عدد من الناشطين المشاركين فيها.
ودعت صفحات مؤيدة للثورة إلى مظاهرات حاشدة في المدن السورية يوم الجمعة 18 آذار 2011 تحت اسم “جمعة الكرامة” فتحركت عدة مدن سورية، منها دمشق وحمص وبانياس ودير الزور ودرعا، وكانت مظاهرة درعا حاشدة على خلفية طرد مسؤولي نظام الأسد الأهالي الذين طالبوا بالإفراج عن أطفالهم المعتقلين، وردت قوات النظام السوري بالرصاص الحي لتفريق المظاهرة، مما أدى إلى سقوط أول شهداء الثورة السورية، منهم حسام عياش ومحمود جوابرة.
تتالت المظاهرات بعد ذلك وانضمت المدن السورية والقرى إلى المظاهرات تباعا، وتحول تشييع الشهداء إلى مظاهرات حاشدة حملت طابع السلمية، وطالبت بالحرية والتغيير.
واجه النظام السوري المظاهرات جميعها بالقمع والرصاص الحي والاعتقالات والانتهاكات والاعتداءات على من خرج في المظاهرات وعلى أهالي المنطقة التي جرت فيها، كما نفذ عمليات مداهمة واعتقالات للناشطين السوريين والمتظاهرين السلميين، ونصب الحواجز في المدن وأطرافها والأرياف.
وأدى القمع الذي انتهجه النظام السوري في مواجهة المظاهرات السلمية إلى تحول شعاراتها من الحرية والمطالبة بالتغيير إلى الدعوة إلى إسقاط النظام ورفض حكم بشار الأسد.
حوصرت المدن بعد فشل الجيش بالسيطرة على الوضع،
وانتهج سياسة الأرض المحروقة، فقطع الإمدادات الغذائية والطبية عن السكان، وتعمد إحداث مجاعات، وتزامن ذلك مع قصف مستمر بالمدفعية والرشاشات الثقيلة والطيران على المدن المحاصرة مستهدفا المباني السكنية والبيوت، مما أدى إلى حدوث مجازر وسقوط الكثير من الشهداء والجرحى والإصابات، وعجزت المستشفيات الميدانية عن تدارك الوضع لا سيما مع قطع الطرق والمساعدات الطبية.
استخدم النظام الأسلحة الثقيلة على اختلاف أنواعها من أسلحة حارقة وذخائر عنقودية وصواريخ سكود وقذائف هاون، كما استخدم النظام الأسلحة الكيماوية باختلاف أنواعها،إذ وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تنفيذ النظام السوري 222 هجوما كيميائيا في مختلف أنحاء سوريا، وتسببت هذه الهجمات في مقتل 1510 أشخاص وإصابة ما يزيد على 11 ألفا آخرين.
شهدت الثورة السورية تدخل أطراف خارجية لمساندة النظام في القتال ضد الثوار، دعم حزب الله وإيران وروسيا نظام الأسد دعمًا عسكريًا، بالإضافة إلى وجود قواعد عسكرية ومخازن أسلحة ومصانع صواريخ.
الانشقاقات وعسكرة الثورة وتأسيس “الجيش الحر”:
بدأت الانشقاقات في صفوف الجيش السوري النظامي منذ الشهر الثاني للثورة، إذ يعد المجند وليد القشعمي من الحرس الجمهوري في قيادة قاسيون من أوائل من انشقوا عن الجيش النظامي عبر تسجيل مصور بُثَّ على الإنترنت يوم 23 نيسان 2011، أعلن فيه انشقاقه عن الجيش النظامي، حيث وأوضح أن السبب هو أن الضباط أمروهم بمواجهة مظاهرة سلمية وإطلاق النار على المتظاهرين العزل من نساء وأطفال ورجال باستخدام الذخيرة الحية، إلا أن وبعض زملائه رفضوا ذلك وانضموا للمظاهرة رامين أسلحتهم ومحتمين بالمتظاهرين إلى أن هرّبوا إلى مكان آخر.
تتالت الانشقاقات بعد ذلك برتب مختلفة،وبعد يومين من الشهر نفسه أعلن المقدم حسين هرموش انشقاقه عن الجيش النظامي، وأوضح أن السبب هو قتل المدنيين العزل، وهرب إلى مدينة إدلب وبدأ بتأسيس “حركة الضباط الأحرار” داعيا من خلالها الضباط والجنود إلى الانشقاق والالتحاق به.
و بمبادرة من العقيد رياض الأسعد، أرفع الضباط المنشقين رتبة، على خلفية بيان أصدره يوم 3 آب 2011 دعا فيه الجنود المنشقين إلى تنظيم أنفسهم. وازدادت أعداد المنشقين والملتحقين بالجيش الحر مع مرور الوقت، وتوزع وجوده في مختلف المناطق الثائرة.
وهدف الجيش الحر إلى حماية الأهالي والمدنيين من سطوة النظام ومداهماته والاعتداءات على المتظاهرين، ثم تطور الأمر فيما بعد لتنفيذ عمليات ضد جيش النظام السوري واستهداف مقاره، كان أولها الهجوم الذي استهدف مقرا للمخابرات الجوية في حرستا على أطراف دمشق يوم 16 تشرين الثاني 2011.
ظهور جهات أخرى في القتال:
ظهرت جهات أخرى في القتال قوات سوريا الديمقراطية”، أو كما تعرف باسم “قسد” وعرّفت عن نفسها بأنها “قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين تجمع العرب والأكراد والسريان وكافة المكونات الأخرى”، وتتألف من مجموعة من الفصائل المسلحة معظمها تابع للأكراد. وتتمركز سيطرتها على مناطق شمال شرق سورية.
وظهرت خلال السنوات الـ12 جهات قتالية أخرى مثل تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة وغيرهما، إلا أن هذه الجهات انحلت، وبعضها انتهى والآخر انضوى تحت جهات قتالية أخرى.
” ردع العدوان” عملية تحرير سوريا
يوم 27 تشرين الثاني 2024، أعلنت فصائل المعارضة السورية إطلاقها معركة “ردع العدوان”، بهدف توجيه “ضربة استباقية لقوات النظام السوري”، واستطاعت في الأيام الأولى السيطرة على مدينة إدلب وحلب ثم حماة وحمص.
وفي اليوم الـ11 من المعركة، أعلنت المعارضة السورية سيطرتها على العاصمة دمشق، وإسقاطها حكم عائلة الأسد الذي استمر 53 عاما. وذكرت الصحف الغربية أن الأسد غادر البلاد مع أسرته قبل وصول المعارضة إلى العاصمة.
استلم أحمد الشرع منصب رئيس الجمهورية، ووحد اابلاد تحت حكمه وجمع الجيش في الدولة وتحت حكمها، مع ظهور التحديات الكبرى في ملاحقة فلول النظام التي استقرت واحدثت فوضى كبرى في البلاد.
ضحايا الثورة السورية حتى العام 2023:
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 230224 مدنيا بينهم 15272 قتلوا تحت التعذيب، بالإضافة إلى اختفاء واعتقال 154816 شخصا، وتشريد قرابة 14 مليون سوري.
كما وثقت وجود ما لا يقل عن 874 اعتداء على منشأة طبية، و1416 اعتداء على مكان عبادة، و1611 اعتداء على مدرسة، بالإضافة إلى استباحة المنشآت الحيوية وتحويلها لمراكز اعتقال ونقاط عسكرية، وتدمير مناطق كبيرة من سوريا في محافظات متعددة.

