
لفهم السياسة الخارجية، علينا أولاً أن نفهم “المشاكل” التي قد تواجه السياسة الخارجية وثانياً “الخيارات”..
فيما يتعلق بمشاكل السياسة الخارجية، ليس لدينا مشاكل مثالية، ولكن يمكننا التمييز بين أربع حقائق حول ما يسمى بالمُعضِلات التي قد تواجه السياسة الخارجية للدولة.
أولاً، يجب أن نعلم أن معظم مشاكل السياسة الخارجية يتخللها الكثير من الشوائب الداخلية، وهذا يجعل من الصعب على الدولة التعامل مع المشكلة نفسها، وكمثال على ذلك، يمكننا التكلم عن الإيدز. إذ إن الإيدز نفسه هو مشكلة كبيرة للغاية أثّرت على الغرب. في البداية اعتبروها مشكلة صحية، ولكن في الواقع داخل الإيدز نفسه هناك الكثير من العقبات، وبالفعل تفاجأوا فيما بعد أن الإيدز في نفس الوقت هو مشكلة إقتصادية، تؤثر على النمو الإقتصادي في بعض المناطق، كما وجدوا أنها مشكلة عسكرية لأن المهام المطلوبة من المصابين داخل الجيش ستنخفض، إضافة إلى ذلك، يعتبر الإيدز نفسه مشكلة حقوقية لأن المصابين به من الناس وخاصةً النساء والأطفال لن يتمكنوا من الحصول على المساعدات اللازمة بسبب الضغوط التي يواجهونها من المجتمع، لأن بعض المجتمعات تعتبر الإيدز قضية أخلاقية وليست مرَضيّة أو صحيّة.
ثانياً، يجب أن نعلم أن مشاكل السياسة الخارجية نادراً ما يتم حلها بطرق عشوائية، لأننا في الحقيقة غير قادرين على حل مشكلة السياسة الخارجية الحالية والإنتقال إلى مشكلة أخرى في آنٍ معاً، ولكن بدلاً من ذلك سنواجه نفس المشكلة مراراً وتكراراً، لذلك من الصعب جدًا إغلاق صفحة من القضية والإنتقال إلى أخرى، على سبيل المثال: تم وضع علامة على الغزو الأمريكي لأفغانستان على أنه غزو ناجح، ولكن هذه المشكلة لم تنته عند هذا الحد، ولكن بعد خمس سنوات ظهرت طالبان واعتُبِرَت هذه المشكلة الجديدة كمشكلة رئيسية للسياسة الخارجية الأميركية.
ثالثاً، من الأفضل أيضًا معرفة أن مشاكل السياسة الخارجية تختلف عن بعضها البعض من حيث أصلها وتاريخها. وبالتالي فإن بعض المشكلات لا تزال تظهر من الإدارات السابقة، وهنا يوجد خيارين للرئيس الجديد إما مواصلة ما بدء به الرئيس السابق للتعامل مع المشكلة أو إختيار طريق واتجاه آخر، والأمثلة المحضة هنا كانت المشكلات التي ورثتها الإدارة الأميركية عن إدارة بوش والتي تتعلق بالإرهاب والشيوعية… إلخ، وهذا ما عرّض بوش آنذاك لإنتقادات واسعة.
رابعاً، تمت رؤية إحدى مشكلات السياسة الخارجية من خلال المشكلات التي تواجه النظام الدولي، على سبيل المثال: العولمة..
الآن ننتقل إلى موضوع الإختيارات، يجب أن نعرف أولاً أنها إحدى القضايا التي يجب استخدامها لفهم السياسة الخارجية، لذلك ستكون خياراتنا حول ما هي أهدافنا وما هي التهديدات التي يجب أن نواجهها أيضًا.
فالخيارات تتعلق إما بأن تكون لديك مشكلة واحدة وعليك بعد ذلك اختيار الحل الممكن لحلها. أو لديك مشاكل متعددة وقبل اختيار حل يجب عليك اختيار إحدى هذه المشكلات لحلها وفهمها وتحديد أولوياتها على باقي المشاكل (مشكلة تلو الأخرى)، لذلك لدينا دائمًا خيار.
أخيراً، يجب أن نعلم أن كل من مشاكل السياسة الخارجية والخيارات تقوم على المصلحة الوطنية التي هي واجب إستراتيجي للبلاد، وبدونها قد تنهار الدولة.



