خاصمقالات

الأطفال بين البراءة والتقسيم الطائفي

خاص بِكَفّيكم: الأطفال بين البراءة والتقسيم الطائفي الذي يهدد براءتهم

الأطفال بين البراءة والتقسيم الطائفي

خاص بِكَفّيكم: الأطفال بين البراءة والتقسيم الطائفي الذي يهدد براءتهم

 

كتبت هويدا أبو الحسن؛ الأطفال بين البراءة والتقسيم الطائفي الذي يهدد براءتهم – يحمل الإعلام مسؤولية كبيرة في تشكيل عقول الأطفال. باعتبارهم الأساس الأول لبناء مستقبل المجتمعات. ومع الأسف، ظهرت في الآونة الأخيرة برامج تبدو بريئة ظاهريًا. لكنها تحمل في طياتها رسائل خفية تهدد النسيج الاجتماعي. من بين هذه البرامج، برنامج الأطفال المسمى “Mini Mafia”. الذي يُظهر أسلوبًا مبتكرًا في الترفيه. لكنه يخفي وراء ستاره تلميحات تشجع على التقسيم الطائفي. هذا يدفعنا للتساؤل: هل أصبح الأطفال ضحايا أدوات التفرقة؟

 

 

رسائل خفية في عباءة الترفيه

 

في هذا البرنامج، يُستضاف الأطفال في أجواء تنافسية بين مجموعات. حيث تمثل كل مجموعة فئة معينة تتقاطع مع الهويات الطائفية بشكل غير مباشر. ورغم محاولة تقديم المحتوى بطريقة كوميدية ومسلية: إلا أن تكرار الإشارات الرمزية للطوائف يعزز في نفوس الأطفال مفهوم “نحن وهم”. مما يزرع بذور الفرقة والانقسام منذ سنٍّ مبكرة.

 

الخطورة تكمن في أن الأطفال، وهم في مرحلة التكوين الفكري. لا يمتلكون القدرة على التمييز بين الترفيه البريء والمغزى الضار. ما يُعرض كـ”لعبة ممتعة”. قد يتحول لاحقًا إلى قاعدة يبنون عليها تصوراتهم عن الآخرين. مما يجعل التمييز الطائفي أمرًا مألوفًا في حياتهم.

 

 

دور الأهل في مواجهة الطائفية

 

يمكن للأهل أن يلعبوا دورًا محوريًا في مواجهة الطائفية وذلك من خلال الامتناع عن تعريض أبنائهم لهذه البرامج أو السماح لهم بالمشاركة فيها. بدلاً من ذلك، يجب توجيههم نحو أنشطة وبرامج تعزز قيم التعايش والانفتاح، مما يساهم في بناء جيل واعٍ يُقدّر التنوع ويحترم الاختلاف بعيدًا عن التحيز والانغلاق.

1. التوعية المستمرة: يجب على الأهل تعليم أطفالهم مفهوم التعددية واحترام الآخرين، وترسيخ فكرة أن الاختلاف مصدر قوة وتنوع، وليس سببًا للفرقة.

2. اختيار المحتوى بعناية: ينبغي مراقبة ما يشاهده الأطفال، مع توجيههم نحو البرامج التي تعزز القيم الإنسانية مثل التسامح، المحبة، والعمل الجماعي.

3. النقاش المفتوح: على الأهل استثمار الفرص للتحدث مع أطفالهم حول الرسائل التي تحملها البرامج، وتشجيعهم على تحليلها بوعي، مما يعزز قدرتهم على التفكير النقدي.

4. تعزيز الهوية الوطنية: بدلاً من التركيز على الفوارق الطائفية، يمكن تعزيز شعور الأطفال بالانتماء إلى وطنهم، وغرس قيم الوحدة التي تجمع الجميع.

 

 

الإعلام بين المسؤولية والانحراف

 

الإعلام يتحمل مسؤولية كبيرة في بناء الأجيال القادمة. ومع ذلك، نلاحظ أن بعض البرامج تتخلى عن هذه المسؤولية لصالح الربح السريع أو تحقيق أجندات ضيقة. برامج مثل “Mini Mafia” ليست مجرد تسلية، بل قد تصبح أدوات لزرع الانقسام في عقول بريئة.

 

هنا يبرز التساؤل: أين دور وزارة الإعلام؟ تقع على عاتقها مسؤولية مباشرة لمراقبة المحتوى المقدم للأطفال، والتأكد من خلوّه من الرسائل التي تهدد التماسك المجتمعي. ينبغي أن تكون هناك سياسات إعلامية صارمة تلزم منتجي البرامج بالتركيز على نشر قيم الوحدة، مع تعزيز التنوع الثقافي والاجتماعي. كما يجب أن تُشجّع الوزارة المبادرات التي تُنتج محتوى إيجابيًا، وتحفّز على نشر التوعية بين الأسر حول أهمية اختيار ما يناسب أطفالهم.

الأمر لا يقتصر على الرقابة فقط، بل يجب أن يكون هناك استثمار في دعم المحتوى الإعلامي الهادف الذي يساهم في بناء وعي الأطفال على أسس صحيحة، بعيدًا عن التحيز والانقسام.

 

أطفالنا هم أمل المستقبل، ومسؤوليتنا أن نحميهم من كل ما يهدد براءتهم أو يعكر صفو قلوبهم. يجب أن نتكاتف – كأهل، ومجتمع، وإعلام – لمواجهة الطائفية بكل أشكالها، وغرس قيم المحبة والتسامح في نفوسهم. فالانقسام يبدأ من كلمة، والوحدة تبدأ من تربية جيل يؤمن بأن قوته الحقيقية تكمن في تنوعه.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com