
فلسطينيون بسياسات صهيونية
خاص بِكَفّيكم| السلطة الفلسطينية: فلسطينيون بسياسات صهيونية
كتب ابراهيم عفيفي لموقع بِكَفّيكم; 31 عامًا على اتفاقية أوسلو، ولا تزال منظمة التحرير الفلسطينية متمسكة بها. رغم إدراك الجميع أنها بمثابة النكبة الثانية في تاريخ الصراع مع الإسرائيليين. فكيف سيطر الإسرائيليون على ” الممثل الشرعي” للشعب الفلسطيني؟ وهل سيكون مصير هذه السلطة مثل مصير الأسد؟
الـتـنـسـيـق الأمـنـي: غـدر صـريـح
يعتبر مبدأ التنسيق الأمني من أهم وأبرز المبادئ التي تم وضعها في اتفاقية أوسلو عام 1993. وينص هذا المبدأ على ان السلطة الفلسطينية مُلزمة بالتعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. اضافة الى اعتقال أو تسليم كل من قد يشكل خطرًا على الأمن الإسرائيلي: على اعتبار أنهم “إرهابيون”. وبسبب هذا التنسيق، عانى الشعب الفلسطيني أشد المعاناة في سجون السلطة. وأصبح مجرد التفكير بالقيام بعمل مقاوم ضد الاحتلال أمرًا صعبًا. وذلك بسبب بطش السلطة التي تشن حملات اعتقال وتفتيش دورية. والعديد من التصريحات المشينة التي تقال على لسان رموز هذه السلطة تشيد بالتنسيق الأمني. أبرزها على لسان محمود عباس “أبو مازن” عندما قال إن “التنسيق الأمني مقدس”. وهنا يتضح أنهم يقومون بهذا العمل عن قناعة وليس فقط لأنهم مرغمون على القيام به. لذا أصبحت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية تسهر لحماية المستوطن الإسرائيلي وليس المواطن الفلسطيني. وذلك على لسان إيهود براك رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق: حين قال ذات مرة إنه قبل ”أوسلو“. وفي العام 1992 تحديداً حصل 2400 هجوم ضد الإسرائيليين في الضفة الغربية وحدها. بينما انخفض هذا العدد عام 1999 ليصل الى 140 هجوم فقط.
منذ إعلان السلطة عن العملية العسكرية الأخيرة ضد مخيم جنين. ازداد الحديث عن التنسيق الأمني. على اعتبار ان السلطة تقوم بأعمال الاحتلال بنفسها. وتحفظ أرواح الجنود الإسرائيليين التي ستزهق في المخيم. بينما تضحي بأرواح الفلسطينيين. وبات اعتبار السلطة الفلسطينية أنها سلطة احتلال ثانية اكثر رواجاً في الشارع الفلسطيني. خاصة بعد القيام بذات الأعمال التي يقوم بها الإسرائيليون عند الاقتحام. مثل قطع الماء والكهرباء عن المخيم وإجبار ”الأونروا“ على إيقاف عملها داخل المخيم. بل واقتحام مستشفى جنين الحكومي تحت شعار “المسلحون يتخذون من المستشفى ملاذًا آمنًا لعملياتهم”.
فإن حالة الرضا الإسرائيلية على السلطة الفلسطينية ازدادت بشكل رهيب بعد العملية العسكرية الأخيرة ضد مخيم جنين، حيث قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي يدرس تزويد أمن السلطة بمعدات عسكرية لمواجهة التنظيمات وزيادة التعاون، وأشارت الصحيفة الى أن الجيش راضٍ كل الرضا على السلطة، ويرسل بتوصيات للمستوى السياسي لزيادة التعاون مع السلطة الفلسطينية.
سـلـطـة بــلا شـرعـيـة شـعـبـيــة
مع ازدياد شراسة الأجهزة الأمنية ضد الشعب الفلسطيني في السنوات الأخيرة. ازدادت النقمة الشعبية على هذه السلطة ورموزها بشكل غير مسبوق. فرؤية الاشتباكات بين المقاومين وأجهزة السلطة أصبح أمرًا اعتياديًّا. بل حتى اصبح لدى البعض مطلبًا ملحًّا بعدما كان سابقاً أمرًا غير مرغوب فيه للتخلص من هذا البطش. فيرى هؤلاء أنه لا يمكن التخلص من الاحتلال قبل التخلص من أدوات هذا الاحتلال. واصبح الانتماء لهذه الأجهزة الأمنية مدعاة للخجل في الشارع الفلسطيني المحتقن ضدها.
والرفض الشعبي هو أحد أبرز الأسباب التي تمنع السلطة من القيام بانتخابات. فالمرة الوحيدة التي أقيمت فيها انتخابات نزيهة، وكان هناك طرف آخر غير السلطة الفلسطينية أي “حماس”: تلقت السلطة صفعة قوية فيها، حيث انتصرت حماس بفارق هائل عن نظرائها. فكان كل 10 فلسطينيين ناخبين يصوّتون يصوّت 6 منهم لحماس: 2 لمستقلين 2 لفتح التي تقود السلطة الفلسطينية. هذه الانتخابات أقيمت عام 2006، فكيف اذا أقيمت اليوم مع كل هذا الحنق الشعبي على السلطة؟
مـصـيـر الأســـد يـلـوح في الأفـــق
منذ سقوط الأسد والتقارير الاستخباراتية الإسرائيلية تتحدث بقوة عن إمكانية حدوث سيناريو الأسد في الضفة الغربية. فالعمليات الخاطفة كهذه ممكن فعلاً أن تقتلع أنظمة. خاصةً اذا لم تتمكن هذه الأنظمة من بناء حاضنة شعبية. وبالفعل، فإن العديد من المصادر في السلطة الفلسطينية قالت لوسائل الاعلام: إن الهدف الأساسي من العملية على مخيم جنين هو الاستباق ضد أي خطر ممكن ان ينشأ. كتيبة جنين هي الفصيل الأقوى والأكثر تسلحاً في الضفة، لذلك الحديث عن هجوم ضد السلطة أمر واقعي، خاصةً وان للسلطة ذاكرة سيئة مع الهجوم عليها بغتةً. فقد حصل ذلك في غزة عام 2007 عندما قررت قيادة كتائب القسّام اقتلاع الأجهزة الأمنية في العملية الشهيرة “الحسم العسكري”. وقد جرت هذه العملية بسرعة مهولة حيث لا تزال حتّى اليوم تعتبرها السلطة الفلسطينية وصمة عار في تاريخها.
وختاماً يمكن القول إن مصير أي سلطة تخاصم شعبها وتناصبه العداء. ولا تسعى إلا الى الحفاظ على المراكز والمناصب. لا يمكن أن يختلف عن مصير حكومة فيتنام التابعة للاحتلال الامريكي ابان الحرب الفيتنامية. ولا عن مصير حكومة أفغانستان التابعة للإحتلال الأمريكي، ولا حتى عن مصير الأسد.



