
سقوط المناصفة في بلدية بيروت بعد غياب الحريرية
وليد أبو شالة؛ خاص بِكَفّيكم: بين غياب الحريرية وتحالف الخصوم: كيف أسقط “البيارتة” المناصفة وفضحوا ازدواجية الأحزاب في انتخابات بلدية بيروت؟
أُسدلت الستارة على الانتخابات البلدية والإختيارية في بيروت، وصدرت نتائج الانتخابات الرسمية يوم أمس… إلا أن هذه الستارة خبّأت خلفها المناصفة. فتحالف الأحزاب الهجين في لائحة “بيروت بتجمعنا” لم يحمِ المناصفة. أما الارقام، فقد اثبتت أن غياب الحريرية السياسية عن صناديق الإقتراع غيّبت المناصفة معها، وحرمت المسيحيين مقعدًا بلديًا من حصّة مطران الكنيسة الأورثودكسية الياس عودة. والنتيجة سقوط المناصفة في بلدية بيروت بعد غياب الحريرية.
الطيف السنّي الذي يتبع تيار المستقبل حاضر
إعتادت بيروت في الانتخابات البلدية على رص صفوف الاحزاب في لائحة واحدة، فبلدية بيروت كانت تجمع الخصم والحليف في لائحة واحدة، بوجه لائحة تغييرية. أما هذه المرة، فتيار المستقبل غاب عن الانتخابات، إلا ان الطيف السنّي الذي يتبع تيار المستقبل اتّحد ضد تحالف الاحزاب وقرر التصويت لمن اعتبر أنه وجهٌ بيروتي حقيقي.
فالعميد محمود الجمل، كان مستشار رئيس تيار المستقبل لشؤون بيروت السياسية قبل العام 2022. وبعد استقالته من منصبه، لم يبتعد الجمل عن الوجوه البيروتية، ولم يبتعد حتى عن أجواء تيار المستقبل ولم يخاصمه.
سنّة بيروت، وأهل طريق الجديدة يخرقون الأحزاب جميعها!
أعلنت لائحة “بيروت بتجمعنا” التي تحالف بها “حزب الله، القوات اللبنانية، حزب الكتائب، التيار الوطني الحر، حركة أمل، فؤاد المخزومي، الحزب التقدمي الإشتراكي، جمعية المشاريع، محمد شقير، وانطوان الصحناوي” فوزها بكافة المقاعد بعد فرز نسبة كبيرة من الصناديق ذات الغالبية المسيحية، الشيعية، والدرزية. إلا أن بعض أقلام دائرة المصيطبية وجميع اقلام دائرة المزرعة، ذات الأكثرية المطلقة “السنّية” قلبت النتيجة وخرقت لائحتهم بمقعد.
فلائحة الأحزاب لم تستحوذ سوى على نسبة 10-15% من اصوات السنّة، بينما حاز العميد الجمل على نسبة 70-75% من الاصوات السنّية في بيروت. ففؤاد المخزومي، الذي اعتبر نفسه حالةً سنيّة في بيروت، لم يحصد سوى ما يقارب ال2000 صوت فيها. فأغلبية أصوات لائحة “بيروت بتجمعنا” كانت من الثنائي الشيعي، والأحزاب المسيحية، ودروز “جنبلاط – ارسلان – وهاب”.
غياب “زي ما هيي” تُسقط المناصفة: سقوط المناصفة في بلدية بيروت بعد غياب الحريرية
غاب الحريري عن انتخابات هذا العام، إلا أن طيفه موجود. فعام 2016، فازت لائحة المستقبل “لائحة البيارتة” بكافة المقاعد البلدية وبالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين. أما هذا العام، وبسبب حقد مناصري المستقبل على حزب الله والقوات اللبنانية، وتحالفهم سويًا، عمد “البيارتة السنّة” للتصويت إلى اللائحة الاكثر قربًا لبيروت وأهلها، وخرقوا بمقعدٍ سنيّ “العميد الجمل” عوضًا عن مرشح المقعد الاورثودكسي إيلي اندريا.
فالمناصفة تكرست منذ زمن. ومع المطالبة بتقسيم بيروت شرقية وغربية، حافظت الحكومة اللبنانية على تكريس المناصفة في انتخابات 1998-2004-2010-2016. ومع غياب التيار الأكثر تمثيلًا في بيروت، سقطت المناصفة في بلديتها.
تحالف الخصوم بحجة “المناصفة”: تحالف هجين!
بينما يُبدعنا جمهور حزب الله، وحتى قيادة حزب الله، بتوجيه تهم العمالة للقوات اللبنانية والكتائب، فقد اجتمعوا في بيروت في نفس اللائحة.
وبينما يُتحفنا رئيس حزب القوات اللبنانية بتهجمه على حزب الله، وإخبارنا بأن “حزب الله انتهى” والشيعية السياسية انتهت، أخبرنا جعجع مساء يوم الانتخابات أن تحالفه مع الثنائي الشيعي هو بداعي الحفاظ على المناصفة.
تصريحه لم يكن وليدَ التبرير، بل هو سقوط القناع عن تآمر الأحزاب، سواء على بيروت وأهلها، أو حتى على لبنان.
فالـ”البيارتة” لم يخرقوا لائحة الأحزاب وقط، بل كشفوا قناعهم، وجردوهم من حججهم. فالمناصفة سقطت، وحججهم أصبحت واهية. وبينما يدعي جعجع مخاصمة حزب الله، اجتمع معهم على بيروت في لائحة “بيروت بتجمعنا”.
لطالما عانت بيروت الدمار، الانفجار، الوباء، والانكسار، لكنها، وعلى الرغم من كبواتها، ظلت صامدة…
فبيروت أكبر من الجميع، وعصيّة على الانكسار. ولا بد أن تحاسب بيروت من خانها، ومن اجتمع عليها، ومن تحالف ضدها… فـ7 أيار 2008 حاضرٌ فينا، ومرفأ بيروت صامدٌ بإهراءاته، وشاهدٌ على جريمتهم، ومعركة الطيونة نصبٌ تذكاري وهمي خالد. وإذا “عزحلة ما بفوتوا” فبيروت “بتساع الكل”، و”بتحاسب الكل”، ولا تنسى أحد…



