خاصمقالات

الحرب الأهلية وانعكاساتها على الوجدان اللبناني

خاص بِكَفّيكم: الحرب الأهلية وانعكاساتها على الوجدان اللبناني - الذكرى الخمسين للحرب الأهلية... مخاوف من عودتها!

سامنتا نصّار؛ الحرب الأهلية وانعكاساتها على الوجدان اللبناني – الذكرى الخمسين للحرب الأهلية… مخاوف من عودتها!

تطفئ الحرب الأهلية اللبنانية شمعة عيدها الخمسين. هذه الحرب الدامية والكارثية، لم يتعلّم منها الشعب اللبناني كيفية الحفاظ على الوحدة الأهلية والترابط الوطني. وعلى الرغم من مرور كل تلك السنوات، إلا أن انعكاسات الحرب ما زالت حاضرة في نفوس اللبنانيين. فالنظام السياسي، والطائفية الراسخة في العقول، والانهيار الاقتصادي وغيرها، تدلّ على أن الحرب انتهت فقط بالسلاح والقتل وأصبحت لها أوجه جديدة. وفي كل استحقاق سياسي أو إداري، يطلّ شبح الحرب الأهلية برأسه، ليثقل كاهل اللبنانيين بتساؤلاتٍ عدّة حول مستقبلهم ومستقبل أولادهم.

 

النظام السياسي والطائفية

أولى الانعكاسات هي النظام السياسي القائم على التوزيع الطائفي. هذا النظام الذي يسعى السياسيون دومًا إلى تفسيره، وتحويره حسب المقتضى الشخصي أو المصلحة الحزبية لشد العصب الطائفي… ضاربين عرض الحائط المصلحة الوطنية. هذه الطائفية ولّدت حقدًا كبيرًا بين أبناء البلد الواحد، وأعادت إلى الذاكرة جرائم القتل على الهوية. وهذا الصراع لم يساعد في تبديد الفكر الطائفي لدى بعض اللبنانيين، لا سيّما أن الحرب الأهلية كبّدت لبنان خسائر بشرية كبيرة. وكبلدٍ صغيرٍ مثل لبنان، يتواجد فيه هذا الكم من الطوائف، كان الصراع الطائفي من أبرز العوامل التي حالت دون تفعيل النظام المدني.

 

الوضع الاقتصادي

ويأتي الانهيار الاقتصادي كجزءٍ مهمّ لتلك الانعكاسات، حيث تكبّدت الحكومة آنذاك مبالغ مادية كبيرة من أجل إعادة إعمار ما تهدّم خلال الحرب. أما فيما يتعلّق بالوضع الراهن، وبحسب تقرير أعدّه صندوق النقد الدولي في نيسان 2016… أوضحت الأرقام أن مصرف لبنان المركزي كان يعاني من عجزٍ قدره 4.7 مليارات دولار في احتياطاته بنهاية عام 2015. وكان صندوق النقد قد حذّر سلامة في 2016 “أننا على حافة الهاوية”. إلى أن تجلّى هذا الانهيار مع نهاية العام 2019, حيث فقدت الليرة اللبنانية نسبة كبيرة من قيمتها الشرائية. وترتّب عن ذلك ارتفاع بمعدلات الفقر والبطالة بشكلٍ لافت.
وكأنه لا يكفِ الشعب اللبناني ما عاناه من أزماتٍ اقتصادية على مرّ السنين، لتأتي الحرب الاسرائيلية الأخيرة وتزيد من الوضع سوءًا، الأمر الذي أعاد إلى أذهان اللبنانيين هاجس الحرب مجددًا ولو بأوجه مختلفة، بالإضافة إلى تكبّد أعباء ماديّة كبيرة دولةً وشعبًا.

 

غياب المحاكمة

غياب العدالة في محاكمة المسؤولين عن اندلاع الحرب، والإهمال في الكشف عن مصير المفقودين، أبقت على الجراح مفتوحة لدى الأهالي. لا وبل على العكس، نشهد منذ انتهاء الحرب وحتّى يومنا هذا التوارث السياسي من قبل جميع الأقطاب التي كان لها دور بارز في الحرب الأهلية. وبالرغم من المصالحات العديدة التي عاصرها التاريخ اللبناني، إلا أننا ما زلنا نشهد على صراعات بين الأحزاب الهادفة إلى التفرّد بالسلطة وإقصاء الآخر. أما مفقودو الحرب، فكان لهم الحصة الأكبر من الإهمال والتغاضي عن مصيرهم. وبين تقاذف المسؤوليات وغياب العمل الجديّ، يقبع هذا الملف كما بقية الملفات في الأدراج المنسية.

باختصار، الحرب الأهلية لم تنتهِ فعليًا، هي ساكنة في وجدان كل واحدٍ منّا. جميعنا يعيش فوق أنقاض الحرب متأثرًا بطريقةٍ أو بأخرى بتداعياتها الكثيرة. منّا من فقد عزيزًا ومنّا من لم يستطع حتّى اليوم معرفة مصير أحدٍ من أقاربه. وفي حال بقي الشحن الطائفي يلازم فكرة العيش المشترك، سيبقى من الصعب استئصال سرطان الحرب من نفوس اللبنانيين. وفي ظلّ توافر جميع الأسباب التي أدّت إلى اندلاع حرب الـ75… وعشية الذكرى الخمسين لاندلاعها، يتساءل اللبنانيون من باب الخوف، هل ستندلع الحرب الأهلية مجددًا في لبنان؟

قد يهمك أيضًا: أبرز ما جاء في كلمة رئيس الجمهورية جوزيف عون في الذكرى الخمسين لـ 13 نيسان

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com