جبران خليل جبران.. عبقرية تخطت حدود المكان والزمان
عبقرية تخطت حدود المكان والزمان، ثالث أكثر شاعر بيعت كتبه في التاريخ.. جبران خليل جبران

عبقرية تخطت حدود المكان والزمان، ثالث أكثر شاعر بيعت كتبه في التاريخ.. جبران خليل جبران
جبران خليل جبران شاعر وقاص وأديب ورسام لبناني، ولد عام 1883 لأسرة فقيرة، لكنه عاش حياة ثرية بعدما ترك بصمته في مختلف المجالات التي أبدع فيها. تبوأ مركز قيادة شعراء وأدباء المهجر العرب، مما جلعه من رواد النهضة بالمنطقة العربية. توفي سنة 1931 وقد خلّف إرثا غنيا تشهد عليه كبريات المكتبات عبر العالم، يجسده “متحف جبران” الذي أنشئ في لبنان تخليدا له، ويعد ثالث أكثر الشعراء الذين بيعت كتبهم في العالم، بعد وليام شكسبير والشاعر الصيني لاو تزه

المولد والنشأة
ولد جبران بن خليل بن ميخائيل بن سعد في السادس من كانون الثاني 1883 في بلدة بشري شمالي لبنان. توزعت نشأته بين مسقط رأسه في لبنان، ومدينة بوستن في الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن هاجر إليها وهو طفل في 13 من عمره.
الدراسة والتكوين العلمي
تأثر المسار الدراسي لجبران خليل جبران بحرمانه من تلقي التعليم الرسمي، وتنقله المستمر مع أسرته، ورغبته الجامحة في حرق المراحل.
في عمر 5 أعوام التحق بمدرسة عرفت باسم “تحت السنديانة” أو مدرسة إليشاع في بلدة بشري مسقط رأسه، حيث درس أسس اللغات السريانية والفرنسيّة والعربية، وفي عام 1895 هاجر مع عائلته إلى بوستن في الولايات المتحدة الأميركية، حيث انضم إلى إحدى المدارس الشعبية، ودرس فيها مبادئ وأسس اللغة الإنجليزية. كما تمكّن في مدينته الجديدة من تعلم التقنيات الخاصة بالرسم، وفي عام 1908 سافر إلى العاصمة الفرنسية باريس لدراسة فن الرسم، وفي حزيران من العام نفسه التحق بأكاديمية “جوليان”، التي تخرّج منها فنانون كبار أمثال الفرنسيين هنري ماتيس وبيير بونار وفرناند لوجيه، وانتسب طالبا مستمعا إلى كلية العلوم الجميلة.
وفي بداية شباط 1909، التقى أستاذا جديدا وصفه جبران بـ”الفنان الكبير والرسام الرائع والصوفي”، وهو بيير مارسيل بيرون. كما تردد على أكاديمية كولاروسي المتخصصة في الرسم على النموذج، غير أنه فضل العمل وحده في مرسمه، وزيارة المعارض والمتاحف، خاصة متحف اللوفر.
تجربة متنوعة
رغم التنقل المستمر مع أسرته بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية (1895-1908)، فإن جبران تمكّن من تعلم اللغة العربية والإنجليزية، وتميّز في الكتابة بهما، وفي دراسة الأدب والتاريخ والفلسفة وفن الرسم وغيرها
وأصدر في بداية عام 1900، مع الفنان يوسف الحويك، مجلة “المنارة” بلبنان، وكانا يحررانها سويا لمدة سنتين. كما تمكّن من اقتحام دوائر النخب الفكرية والثقافية سواء في بوستن ونيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، أو في العاصمة الفرنسية باريس (1908-1911)، التي تعدّ من مراكز النهضة الفكرية والثقافية في عصره، مما جعل تجربته متنوعة وغنية.
تجربة التأليف
بدأ جبران مسيرته بكتابه “الموسيقى”، الذي ألفه بالعربية عام 1905، وختمها بكتابين نشرا بعد وفاته وهما “التائه” المنشور عام 1932 و”حديقة النبي” الذي نشر عام 1933. ويقدر عدد الكتب التي ألفها بـ18 كتابا، منها 8 باللغة العربية و10 باللغة الإنجليزية. وقد ترجم كتابه “النبي” إلى قرابة 110 لغات.
كما ألّف 11 مسرحية طبعت بعد وفاته -ضمنها 3 غير مكتملة-، كتب 6 منها بالإنجليزية و5 بالعربية.
التجربة الشعرية
خلّف جبران أزيد من ألف قصيدة. ويعد من أول المبدعين الذين مارسوا التغيير في تجربة جديدة ألغت “الموضوع الواحد” (الغرض) واستوعبت تجربة حياتية كاملة تقدم بلغة شعرية، وتستمد كل طاقتها الفنية من النص وما يوفره من أبعاد جمالية تستند إلى علاقاته الداخلية وحركاته. فقد وظف الرمزية بشكل قوي يجعلها تشد مفاصل النص وتجنبه الانكسار والتفكك.
التجربة الفنية
اطلع جبران على كثير من المدارس الفنية التشكيلية، وزار العديد من المعارض التشكيلية، ثم كوّن لنفسه أسلوبه الفني الخاص، وأنتج العديد من الرسوم التي بيعت أغلفة لكتب منشورة أو لوحات قدمها في معارض.

الرابطة القلمية”
بعد أن لمع نجمه في عالمي الأدب والرسم، توالت إبداعاته بعد انتقاله إلى نيويورك عام 1912، حيث أصبح قبلة أدباء المهجر الذين أسس معهم “الرابطة القلمية” عام 1920، وكان عميدها. وضمّت: ميخائيل نعيمة ووليام كاتسفليس وندرة حداد وإيليا أبو ماضي ووديع باحوط ورشيد أيوب وإلياس عطا الله وعبد المسيح حداد ونيب عريضة.
وكانت الرابطة تعنى بتشجيع الكتاب والآداب العربية، ونشر أعضاؤها الجرائد والصحف العربية في بلاد المهجر
المؤلفات والإنجازات
كتبه

من أشهر كتبه التي ألفها بالعربية:
- عرائس المروج (1906).
- الأرواح المتمردة (1908).
- الأجنحة المتكسرة (1912).
- دمعة وابتسامة (1914).
- رواية العواصف (1920).
ومن أشهر كتبه التي ألفها باللغة الإنجليزية:
- النبي (1923).
- المجنون (1918).
- آلهة الأرض (1931).
- حديقة النبي (1933).
- يسوع ابن الإنسان (1928).
- رمل وزبد (1926).
مسرحياته
ومن مسرحياته:
- “العازر وحبيبته” (صدرت بالإنجليزية عام 1973).
- “الأعمى” (صدرت بالإنجليزية عام 1981).
- “الرجل غير المنظور” (صدرت بالعربية عام 1993).
- “بين الليل والصباح” (صدرت بالعربية عام 1993).
- “الوجوه الملونة” (صدرت بالعربية عام 1993).
- “بدء الثورة” (صدرت بالعربية عام 1993).
- “ملك البلاد وراعي الغنم” (صدرت بالعربية عام 1993)
شعره
خلف جبران خليل جبران إرثا شعريا كبيرا يزيد عن ألف قصيدة في مواضيع مختلفة تعكس توجهاته الفكرية والفلسفية.
ومن أشهر قصائده:
- “سلام على القدس الشريف ومن به”.
- “در في سمائك يا قضاء فإن يثر”.
- “وقفت على القبر الذي أنت نازله”.
- “يا فاقدا لولد الوحيد عجبت”.
- “حي الكنانة غدوة استقلالها”.
- “على شبابك يبكي”.

رسومه
تقدر إنتاجاته في الرسم بحوالي 700 لوحة فنية، تنوعت ما بين رسوم ولوحات بالألوان المائية، أعيد معظمها إلى لبنان بعد وفاته. ويوجد منها في “متحف جبران خليل جبران” في بلدته الأصلية بشري 440 لوحة، إضافة إلى رسوم ومخطوطات أصلية.
الوفاة
توفّي جبران خليل جبران في أحد مستشفيات نيويورك يوم 10 نيسان 1931 بسبب مرض السّل وتليف في الكبد. ودفن في مقبرة “مونت بنيديكت” بعد 3 أيام من وفاته، قبل أن تتحقق أمنيته بالدفن في لبنان، حيث نقل رفاته إليها يوم 23 تموز 1932، ودفن في مسقط رأسه في بشري فيما يعرف باسم “متحف جبران”.
ترك وصية تقول: كلمة أريدها أن تكتب على قبري: “أنا حي مثلك، وأنا واقف الآن إلى جانبك، فأغمض عينيك والتفت تراني أمامك”!

