خاصمقالات

شغور في الإدارات العامة والقضاء

خاص بِكَفّيكم: بين شغور الإدارات العامة والقضاء... الحكومة أمام امتحان جديد

سامنتا نصار؛ خاص بِكَفّيكم: بين شغور في الإدارات العامة والقضاء… الحكومة أمام امتحان جديد

في ظلّ الأزمات المتتالية التي يعاني منها لبنان، تظهر أزمة الشغور في الإدارات العامّة والقضاء كمشكلة تهدّد بشكلٍ كبير استمرارية الدولة ومؤسساتها. فبين عجز الدولة عن القيام بدورها الإداري والتعطيل في تحقيق العدالة، يبقى هذا الشغور نتيجةً مباشرة للنزاعات السياسية والطائفية. هذا الفراغ يضع الحكومة أمام امتحانٍ صعب للعمل بجديّة في محاولةٍ لإيجاد الحلول اللازمة.

بحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مجلس الخدمة المدنية في العام 2024، وصل الشغور في الإدارات العامّة لنسبة 72%، 41% منهم من موظّفي الفئة الأولى. أما فيما يتعلّق بالفئتين الثانية والثالثة، فقد بلغت النسبة 80%.

تعتبر هذه المواقع من المراكز العامّة في لبنان، وهي تعاني اليوم من نقصٍ حاد في الموظفين. أسباب هذا النقص عديدة، أبرزها المحاصصة الطائفية التي تتداخل مع معظم الاستحقاقات السياسية، مما يجعل كل منصب رهينة التجاذبات السياسية بدلاً من الاعتماد على الكفاءة.

وحال غياب التوافق السياسي كذلك دون تعيين بدلاء عن موظّفي الفئة الأولى بعدما أحيل عدد كبير منهم إلى التقاعد، ممّا أدّى إلى تعطيل الكثير من الملفات الإدارية، حيث تظهر إحصاءات مجلس الخدمة المدنية أنّه، وفي حلول العام 2030، ستخسر الإدارة العامة 2850 موظّفاً بناءً على السن القانوني فقط.

من جهةٍ أخرى، لعبت الهجرة دوراً كبيراً في توسيع الفراغ، بعدما غادر ذوو الخبرة بحثاً عن فرص عمل في الخارج بسبب الأوضاع الاقتصادية السيّئة في لبنان.

 

القضاء

الأسباب نفسها التي تقف في وجه الشغور الإداري، تشكّل عائقاً كبيراً أمام التعيينات القضائية. فالسلطة القضائية في لبنان تواجه أزمة شغور لافتة بسبب النقص الكبير في عدد القضاة، بالإضافة إلى غياب التعيينات في المراكز القضائية الأساسية. ففي تشرين الأول من العام الماضي، انتهت ولاية مجلس القضاء الأعلى، الأمر الذي أدى إلى تعطيل القرارات الكبرى، مما انعكس سلباً على سير العدالة.

من ناحيةٍ أخرى، تشهد المراكز القضائية الأساسية كالنيابات العامة، رؤساء المحاكم، والقضاة المحققين، نقصاً في عدد القضاة ما أدّى إلى تراكم الملفات وتأخير البت في القضايا العالقة. فعلى سبيل المثال، الشغور في مركز رئيس هيئة التفتيش القضائي حاصل منذ العام 2022.

وفي هذا السياق، تبرز قضية التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، فبفعل الضغوطات السياسية التي أثّرت بشكل كبير على مسار التحقيق، إلى جانب الشغور، لم يتمكن القضاء من محاسبة أحدٍ من المسؤولين، ولا زالت القضية عالقة حتّى يومنا هذا.

في هذا الإطار، يذكر أن رئيس لجنة الإدارة والعدل في البرلمان اللبناني النائب جورج عدوان كان قد تقدّم عام 2019 باسم تكتل الجمهورية القوية، باقتراح قانون معجل مكرر، لتحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة والمراكز العليا في المؤسسات العامة. وفي نيسان 2020، أحيل الاقتراح إلى لجنة الإدارة والعدل، حيث أُدخلت عليه بعض التعديلات في أيار من العام نفسه. لكن في تموز، أُبطل القانون بعد طعنٍ قدّمه رئيس الجمهورية آنذاك، ميشال عون، أمام المجلس الدستوري، معتبراً أنّه يمسّ بصلاحيات السلطة التنفيذية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإقراره، ظلّ الاقتراح في الأدراج وسط التخبّط السياسي، ما حال دون ترجمته إلى خطوات عملية على أرض الواقع.

إذاً، تداعيات كثيرة تلقي بظلّها على المواطنين، فالتأخير في المعاملات الإدارية والمماطلة في إصدار الأحكام العادلة يؤدي إلى انتشار الفوضى الإدارية. كلّ ذلك مردّه إلى نسبة الشغور الكبيرة في المؤسسات العامّة، ما ينعكس سلباً على أداء الحكومة الوظيفي. لذلك، وبعدما اجتازت الحكومة امتحان الثقة، هل ستعمل على إيجاد إصلاحات جذريّة لمعالجة مسألة الشغور؟ وهل ستفصل التعيينات عن السياسة وتفعّل دور الهيئات الرقابية والقضائية؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com