خاصمقالات

خاص بِكَفّيكم| متعاقدو اللّبنانية… إلى خطوات التّصعيد

خاص بِكَفّيكم| متعاقدو اللّبنانية... إلى خطوات التّصعيد

كتبت رزان غازي:

“إضراب”؛ أوّل قرعٍ لطبول آذاننا حين ما تدقّ ساعة الامتحانات الفصليّة في الجامعة اللّبنانيّة، في مختلف فروعها وكلّيّاتها الشّتّى، اعتصامٌ هنا وتظاهرةٌ هناك، وطلّاب منسيّون في الملعب والباحة… وكلّ هذا كُرمى الأساتذة المتعاقدين الّذين يوعدون مع انطلاقة كلّ عامٍ بتفريغهم.

سنة تلوى أخرى، وعدٌ سُبق بآخر، خلَفٌ بعد خلفٍ، والمطلب المنتظر لا يزال بين قاصٍ ودانٍ، وللمرّة المليون “بتوصل اللّقمة للتّم” ويُحرَم منها صاحبها.

بدأ متعاقدو اللّبنانيّة سنةً دراسيّةً جديدةً بعمل دؤوب، على ضوء ما وعدهم به رئيس الجامعة الدّكتور “بسّام بدران”، بالفوز بالتّفرّغ للعدد الأكبر من الأساتذة، ليستبشروا خيرًا، الّا أنّ الأمر أخطأ السّكّة في سيره، فبعد تردّد أصداء تقول إنّ الملفّ على سكّة الحلحلة، تبيّن أنّه يمشي على روافد سكّة “العرقلة”، حيث بدأت العقبات تظهر إلى محطّة العلن، ومن بينها قضيّة الملاكات في الكلّيّات وحاجات الفروع، والّتي تلعب التّوزيعات الطّائفيّة دور النّرد فيها، فضلًا عن قضايا أخرى تهدف إلى تطيير ملفّ التّفرغ نهائيًّا.

اعتصامٌ أقرّته لجنة الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللّبنانيّة أُلغى أو تأجّل يوم الثّلاثاء في 12/12/2023 بعد تعهّد رئيس الجامعة بسّام بدران، بأنّ الملفّ متوازنٌ و”ماشي حاله” وقبل رأس السّنة سيُرفع من قِبَلِ الإدارة المركزيّة للجامعة اللّبنانيّة إلى وزير التّربية والتّعليم العالي القاضي “عبّاس الحلبي” الّذي بدوره من المقرّر أن يرفعه إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء، غير أنّ الملّف لم يطأ وزارة التّربية حتّى 14/1/2024 أي بعد أكثر من شهرٍ على إلغاء الاعتصام، والاستعاضة عنه ببيانٍ أصدرته اللّجنة الرّسميّة للأساتذة المتعاقدين بالسّاعة في الجامعة اللّبنانيّة .

كان من المفترض أن يُرفع ملفّ التّفرّغ إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء قبل نهاية العام 2023. لكنّ المعايير التي يجب المضي بها لاختيار أسماء الأساتذة ووضعهم وفق التّسلسل الزّمنيّ في التّفرغ أخّرت إنجاز الملفّ بحسب مصدر مختص. وتجدر الإشارة إلى أنّ رئيس الجامعة كان قد اجتمع سابقًا مع كلِّ الكليّاتِ لإجراءِ تدقيقٍ نهائيٍّ حول الأسماء. إلّا أنّ الرّفض للمعايير المطروحة في اختيار الأسماء كان سيّد الموقف، فرئيس الجامعة يريد تبدية معيار الحاجة في الكليات، ما يؤدّي إلى حرمان مئات الأساتذة من التّفرّغ لصالح أساتذة جدد جرى التّعاقد معهم في الآونة الأخيرة، ما يستطرد في التّأثير ليولّد خللًا في التّوازن الطائفيّ للتّوزيع.

ينفي بعضهم حقيقة مبدأ “حاجة الجامعة” باعتباره واهيًا حيث يتفّرغ عدد من الأساتذة في الملاك من كل الاختصاصات في كل كليات الجامعة. ورغم ذلك فقد جرى التّعاقد مع أساتذةٍ جددٍ رغم وجود متعاقدين من الاختصاص عينه. ما يغيّر في معيار التّبدية المذكور “الأقدميّة” في التّفرّغ، فأساتذٌة كثر متعاقدون مع الجامعة منذ العام 2008 ولم يتفرّغوا، لضياع “الطّاسة” بين محاصصة على أساس الطّائفة، والعدد المحسوب لكلِّ فريقٍ سياسيّ. وهؤلاء ما زالوا ينتظرون رفع عدد ساعتهم، بدل التّعاقد مع أساتذةٍ آخرين.

 

يبرّئُ المعنيّون أنفسهم في مسألة تأجيل رفع ملفّ التّفرّغ إلى الجهات المعنيّة، ففي حال رُفِع أيُّ ملفٍّ إلى الحكومة دون حيازته على مباركة ورضى كلّ القوى السّياسيّة، يُرفض أو يفرّغ منه جزء بسيط يعود لمن أوصى بهم قائدهم الأعلى، وذلك بحجّة رئيس الحكومة المعهودة، السّبب الماليّ، حيث يتطلّب تفريغ أساتذةٍ جددٍ تأمين اعتماداتٍ ماليّةٍ للرّواتب وبدلات الإنتاجيّة وصندوق التّعاضد والمعاش التّقاعديّ.

امّا عقود المصالحة، فلها سياسة أخرى، فرغم قرار الحكومة بوقف التّعاقد في القطاع العام، ورفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التّعاقد الجديد، جرى توقيع عقود، بالتّحايل على منعها من خلال الاستعانة بأساتذة ومنحهم أعددًا كبيرةً من الحصص التّعليميّة، واللّجوء إلى عقود مصالحةٍ بعد عام، ليتمّ تمريرها عبر ديوان المحاسبة.

التّحايل عند اللّبنانيّ ما عرف الحدود أبدًا، فبعد الفبركة لحلولٍ مثل عقود المصالحة، أنعم عمداء الكلّيّات في التّمادي، فقضوا بتنظيم ندوات للطلّاب على أيدي المستعان بهم، لتنجليَ حقيقةٌ أخرى بإعطاء بعضهم أكثر من مئة وخمسين ساعةً، على خلاف القانون الّذي يسمح بالاستعانة بمحاضرٍ أو باحثٍ، لإقامة ندوةٍ بساعاتٍ قليلةِ العددِ، فيحالون الى التّعاقد معهم في الفصول الآتية.

وبناءً على ما اقتضى، يتمّ التّشاور حول الخطوات المقبلة، والّتي تنصّ المقترحات فيها على النّقاط التّالية:

تشكيل مجموعة من المتعاقدين المعنيّين لها هيكليّة تنظيميّة محدّدة، يتمّ من خلالها انتقاء متحدّثين بالنّيابة عن المجموعة، جمع بيانات توضح واقع الظّروف الصّعبة الّتي يواجهها المتعاقد، وحاجته الى التّفرّغ، ما يستدعي إيضاح تأثيره على المستوى الأكاديميّ الإنتاجيّ، ووضع المتعاقد الاقتصاديّ، لقاء مسؤولين مختصّين عبر اجتماعاتٍ تنظّمها النّقابات، أو وسائل الإعلام، الاعتراض السّلميّ من خلال الإضراب والانقطاع عن التّدريس، وغيرها ممّا يعبّد الطّريق أمام تحقيق المطلب المرجوّ.

اللّجنة لم تستسلم، وخلال متابعتها سير وصول الملفّ، نفّذت خطواتها، بإصدار بيانٍ تطالب فيه وزير التّربية القاضي عبّاس الحلبي بدعم المتعاقدين، مشيرةً الى أنّ الفرصة الأخيرة لإنقاذ الجامعة اللّبنانيّة هي بوصول الملفّ للأمانة العامة لمجلس الوزراء، محمّلةً القوى السّياسيّةَ في البيان نفسه مسؤوليّة تدهور الأوضاع في حال عدم إقرار ملفّ التّفرغ بأسرع وقتٍ ممكن، خاتمةً بدعوة الأساتذة المتعاقدين إلى ضبط النّفس، وعدم التّصعيد حتّى اللّحظة إفساحًا في المجال لوصول الملف إلى خواتيمه.

كلّ هذا ما كان إلّا ترسيمًا للمرحلة الحاليّة، فهل نحن أمام قنب.لة موقوتة يستعدّ لها أساتذة الجامعة اللّبنانيّة لتنفجر بين قرارٍ وآخر، وهل للطّلّاب الحصّة الأكبر في تحمّل تداعيات ما ستؤول إليه الأحداث؟

التّعليق لكم.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com