
ملاك يحيى – معربون، سرغايا وأطراف للفتنة! – معربون… تاريخٌ طويلٌ في الدفاع عن الأرض… لا تخلي عنها، ولا عزاء للأقلام المأجورة.
“معربون” أين تقع؟ لماذا شغلت لبنان في اليومَين الماضيَين، وما هو تاريخ الخلاف؟ وما أصل الشائعات التي طالت القرية من الإعلام الأصفر؟
أين تقع معربون؟
معربون، قرية صغيرة في قضاء بعلبك، تُقدّر مساحتها بحوالي 1120 هكتار. تقع على تخوم سلسلة جبال لبنان الشرقية، إلى جنوب شرقي مدينة بعلبك ويحدها من الشمال بلدة حام، ومن الشرق بلدة رنكوس السورية، ومن الجنوب بلدة سرغايا السورية.

ناهيك عن أنَّ معربون مثلها مثل القُرى الحدودية الأخرى، منْسيةٌ من قِبل الحكومة. فلتصل إليها عليك أن تمرَّ بشبه طرقات، وكأنَّك تقود إليها لتعود بالزمن إلى عصورٍ لا دولة فيها ولا إنماء. فعندما تدخل إليها تكاد تُفتن بسحر طبيعتها ومناظرها الخلابة. وهي التي تقع في حضن وادٍ محاطٍ بسلسلة جبالٍ، وتطلُّ على جبل الشيخ أو ما يُعرف بالجبل الأبيض معانقةً شيبته وبياضه بتاريخها القديم وما مر عليها من حضاراتٍ وأُمَم. فالمغاور والقصور (قصر الرهبان وقصر البنات) خيرُ دليلٍ على أنَّ تلك القرية كهلة وقديمة.
في البلدة مجلس بلدي مؤلف من ١٢ عضوًا، مع وجود مختارَين، يبلغ عدد الناخبين فيها ١,٤٢٨ تقريباً، موزعين على إناث ٧١٣ وذكور ٧١٥.

خلاف تاريخي على الأرض بين معربون (اللبنانية) وسرغايا (السورية)
بحسب شهود عيان، نشب خلاف على ملكية أكثر من ٣٠٠٠ دونم من الأراضي (في الجرد – منطقة النهير، وفي سقي معربون – البساتين). وذلك بين أبناء قرية معربون، وآل الشماط – سرغايا، منذ أكثر من أربعة عقود ونصف. ليعود هذا الخلاف وينشب من جديد عام 1987. بحيث لجأ آل الشماط وهم من أزلام نظام البعث المخلوع، الذي ساهم بتسهيل عمليات التهريب لهم عبر الرشاوى التي كان يتقاضاها أفراد الهجانة السورية من هؤلاء، إلى تجريف مشاعات تابعة للقرية اللبنانية في منطقة سقي معربون – اللبنانية.
ما استدعى حضور لجنة بعد ذلك إلى منطقة النهير في الجرد. تلاها هجوم من آل الشماط بمؤازرة من الجيش السوري على قرية معربون. بحيث حمل أبنائها السلاح وتوجهوا للدفاع عن أرضهم اللبنانية بمؤازرة من ‘القوى الأمنية اللبنانية’ آنذاك، ليهدأ حينها الخلاف.
علماً أن أهالي معربون – اللبنانية أثبتوا أحقيتهم لهذه الأرض عبر تقديم خرائط ومستندات. وتم رفع شكاوى من قبل الطرفين، ولا تزال عالقة في المحاكم حتى يومنا هذا.
وعليه كل الخلافات التي ذُكِرت بين الطرفين حالت بينهم، وبين إقامة معبر حدودي شرعي، والذي يُعَد مهماً جداً. ولا يعود بالفائدة فقط على معربون إنما على كل قرى بعلبك الهرمل لكونه قريب منها، ويشكل منفذاً إقتصادياً ومالياً مهماً.
٢٠٢٥ “المكتوب بينقرا من عنوانه”.. عودة التعديات – وتضرر مصالح المهربين!!
بعد سقوط نظام الأسد وبتاريخ 3/1/2025، عملت وحدة من الجيش على إغلاق معبر غير شرعي عند الحدود اللبنانية (معربون) – السورية (سرغايا). وعليه حاول أشخاص سوريون من آل الشماط (مهربين، لا علاقة لهم بهيئة تحرير الشام) على فتح المعبر بواسطة جرافة. فأطلق عناصر الجيش نيرانًا تحذيرية في الهواء، وعمد هؤلاء إلى إطلاق النار نحو عناصر الجيش اللبناني ما أدى إلى إصابة أحدهم ووقوع اشتباك بين الجانبين. وعلم أن طرفاً لبنانياً ثالثاً دخل أيضاً على خط الخلاف. وعليه ألغى قائد الجيش زيارة له إلى بكركي بعد تطور الاحداث بين قريتي معربون (الجيش اللبناني) – وسرغايا (آل الشماط – مهربين).
استمرت الاشتباكات في ظل استقدام الجيش اللبناني لتعزيزات من فوج الحدود البرية وفوج المجوقل، وسلاح الجو اللبناني. وبدوره نفذ غارتين جويتين باستخدام طائرة من طراز “سيسنا” أدت إلى تدمير اثنين من السلاح “المضاد (23)” الذي كان في حوزة المسلحين، والذي استولى عليه آل الشماط بعد سقوط نظام البعث في سوريا.

على أثر ذلك، توقفت الاشـتـباكات بين الجيش اللبناني والمسلحين الســوريين. وأسفرت عن إصـابة عدد من المسلحين الذين أُجبروا على التراجع فيما بقي المعبر غير الشـرعي مغلقاً.
ماذا عن هيئة تحرير الشام؟
حضرت قوة من هيئة تحرير الشام إلى نقطة الاشتباك، ورحّبت بالتهدئة. بدورها لجأت الهيئة صباح يوم 4/1/2025 إلى مداهمات كبيرة في قرية سرغايا السورية، لمصادرة السلاح الذي استولى عليه آل الشماط (فلول النظام السوري) وحصره بيد الإدارة الجديدة.
معربون، سرغايا وأطراف للفتنة: أقلام مأجورة وصحافة صفراء!!
لجأ الذباب الإلكتروني معروف المصدر والجهة إلى تأجيج الخلاف وتلفيق أخبارٍ مفادها أن مسلحين من هيئة تحرير الشام استولوا على قرية معربون اللبنانية، وعلى مخفر الدرك في القرية. ولَو طال أمد الاشتباك أكثر، لربما كان هؤلاء الأبواق لفّقوا خبراً مفاده سيطرة مسلحي سوريا على الصين عبر معربون! علماً أن طابوراً خامسًا (معروف لدينا ولدى الأقلام المأجورة) دخل على خط الطرفين وأطلق النار على الجهتين!!
لهؤلاء نسأل، هل تسعَون لدعشنة معربون كما فعلتم قديماً مع عرسال (٢٠١٤) من أجل إيجاد حجة جديدة لحماية السلاح غير الشرعي؟
ولهؤلاء أيضاً نقول إن تاريخ معربون في مقاومة بطش آل الشماط المدعومين من النظام السوري أطول من تاريخ وجودكم، وأن أصغر منزلٍ في القرية لديه شابان أو ثلاثة في الجيش اللبناني… وإن استدعى الأمر فعلاً، فكلنا جيش في مواجهة فلول نظام بائد، ولن نتخلى عن شبر أرضٍ.




