المفاوضات النووية الإيرانية الأميركية
شيماء الخطيب؛ خاص بِكَفّيكم: المفاوضات الأميركية – الإيرانية نحو الانهيار.. هل يحصل الانفجار الكبير في الشرق الأوسط؟
المفاوضات النووية الإيرانية الأميركية على المحكّ. بعد خمس جولات من المفاوضات بين الجانبين الإيراني والأميركي بوساطة عمانية، يبدو أنّهما وصلا إلى حائط مسدود. فأميركا أرسلت اقتراحًا مرفوضًا إيرانيًا من جهة، وأوروبا تلوّح بالعقوبات من جهة أخرى، فهل نقف على حافّة انهيار المنطقة؟
أميركا تقترح.. وإيران ترفض!
يستعدّ الطرفان، الأميركي والإيراني، لجولة سادسة من المفاوضات على الملف النووي الإيراني، والتي لم يحدد موعدها بعد. واستعدادًا لهذه الجولة، أرسل المبعوث الأميركي للشؤون الخارجية “ستيف ويتكوف”، مقترحًا لمسودة اتفاق، عبر الوسيط العماني. وصلت البنود إلى إيران، ولكن يبدو أنّ الرّد سيكون سلبيًا.
بحسب ما كشفته وكالات الصحافة العالمية، ينصّ المقترح الأميركي على وقف نهائي لتخصيب اليورانيوم في إيران، وإنشاء تحالف دولي إقليمي يضمّ السعودية والإمارات ودول عربية أخرى، إلى جانب إيران والولايات المتحدة، لتخصيب اليورانيوم في دولة خارج إيران.
هذا الأمر يشكّل العقدة الأساسية للتقدّم في المفاوضات بين الطرفين، إذ تصرّ إيران على حقّها في تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، وهو ما وصفه وزير الخارجية “عباس عراقجي”، بـ”الخط الأحمر”. في المقابل، ترفض الولايات المتحدة هذا الأمر جملةً وتفصيلًا.
الردّ الإيراني لم يصغ ويرسل بعد، إلّا أنّ الأجواء والمعلومات كلّها تشير إلى أنّه سيكون سلبيًا، فهل سيؤثر هذا على التقدم في المفاوضات؟
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحرّض على الخيار العسكري.. أوروبا تهدد واسرائيل تستعدّ
في خطوة لافتة، تمّ تسريب تقريرين أعدهما مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية “رفائيل غروسي”، يفجرّان الوضع. إذ يشير التقريران إلى أنّ إيران سرّعت عملية تخصيب اليورانيوم في شهر أيار 2025، ووصل مخزونها إلى 60% (أي 408.6 كيلوغرامات) حتى الـ17 من أيار. تمثل هذه الأرقام زيادة تقارب الـ134 كيلوغرامًا (أي بنحو 50%) منذ تقرير شباط الماضي. ألمح التقريران أيضًا إلى أنّ إيران على بعد أسبوعين تقريبًا من امتلاكها للسلاح النووي، متهمًا إيّاها بأنّها تستخدم ثلاثة مواقع غير معلنة للتخصيب، وهدفها غير سلمي.
يأتي هذا في وقت حسّاس، حيث سيعرض التقريران على مجلس محافظي الوكالة الدولية، وتضغط الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) نحو تبني الوكالة قرارًا ضدّ إيران، يتمثل بتحرُّك الدول الأوروبية في اتجاه تفعيل “آلية الزناد” الواردة في الاتفاق النووي لعام 2015، وهو ما يعني العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية على إيران.
من جهته، خرج رئيس وزراء العدو الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، داعيًا المجتمع الدولي للتحرك ضد إيران، وزاعمًا أنّ إيران عازمة على استكمال برنامجها للأسلحة النووية ومحرّضًا على ضرورة التحرّك العسكري. بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية و”مؤسسة الطاقة الذرية” الإيرانيتان، أنّ التقريرين الأخيرين لغروسي بشأن الواقع النووي الإيراني “غير متوازنان” و”يفتقران إلى التقييم الشامل”، مشيرةً إلى أنّ أهدافهما الضغط السياسي والتحريض على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وأكّدت إيران أنّها لا تسعى أبدًا إلى امتلاك سلاح نووي، بل تريد تخصيب اليورانيوم لأغراضٍ سلميّةٍ فقط.
الهجوم العسكري على إيران: واقع أم ورقة ضغط؟
لم يتراجع ترامب يومًا عن تهديد إيران، في كلّ فرصة وكلّ تصريح له أمام الكاميرات والصحافة، فهو متمسك دائمًا بفكرة أنّ أمام إيران خيارين: التفاوض أو قصف المنشآت النووية. وهذا ما ردّده مؤخرًا في ظلّ الأجواء السابقة للجولة السادسة من المفاوضات.
في هذا السياق، قامت الإدارة الأميركية بخطوات عدّة تنذر باتجاهها نحو الخيار العسكري على إيران، إذ نشرت صحيفة “فايننشال تايمز”، أنّ واشنطن أمرت بنشر ست قاذفات من طراز B-2، وهو أكبر انتشار لهذه الطائرات حتى الآن، في قاعدة دييغو غارسيا، في المحيط الهندي.
وتشير الصحيفة إلى أنّ هذه القاعدة، التي تبعد 3,800 كلم عن إيران، هي نقطة انطلاق الضربات المرجحة عليها، ولكن هل سيحصل هذا الهجوم؟
يشير المطلعون على ملف المفاوضات الأميركية – الإيرانية، إلى أنّ ترامب يريد الابتعاد قدر الإمكان عن الهجوم العسكري. إلّا أنّه يتخذ هذه الإجراءات كورقة ضغط سياسية على الجمهورية الإسلامية، للرضوخ والقبول بشروطه.
من جهتها، تستعدّ إيران لأيّ هجوم عسكري محتمل. وبحسب تقرير نشرته “فايننشال تايمز”، قامت إيران بتعزيز دفاعاتها الجوية وإعادة نشر عدد من منصات إطلاق صواريخ الأرض – جوّ بينها منظومات (S-300) بالقرب من مواقع نووية استراتيجية… أبرزها: ناتنز وفوردو.
هذه الجهوزية أكدها رئيس الهيئة العامة للقوات المسلحة الإيرانية، “محمد باقري”. وقال إنّ بلاده تشهد تحسنًا كبيرًا بقدرة وجاهزية الدفاع الجوي بمعدلات مضاعفة، وأنّ إيران ستردّ على أي هجوم ضدّها.
خلاصة القول، النفوس مشحونة بين ترامب والدولة الإيرانية، والخوف الأكبر يكمن في تقلبات الرأي لدى الرئيس الأميركي. فأي انهيار في المفاوضات بين الطرفين يعني انفجار عواقبه وخيمة في المنطقة. تسعى الدول الخليجية ومصر للدخول على الخط ولعب دور أساسي في التوصّل إلى اتفاق… إلا أنّه لا يمكن لأحد أن يتوقّع كيف يتصرّف الرجل الأشقر. فهل نشهد هدوءًا في الغد القريب أم أنّ ترامب سيشعل المنطقة؟