
لحظة… أنا
أحيانًا، لا أهرب من العالم.بل أختبئ في زاوية أعرفها جيدًا.
زاويتي مع فنجان قهوتي.
هناك، أترك كل الأدوار خلفي: لا أم، لا زوجة، لا قائدة، لا قوية كما يظنون.
فقط أنا، كما أنا.
أحمل قلبي بيدي وأصغي إليه، دون مقاطعة.
القهوة بين يدي ليست عادةً يومية، بل طقس من طقوس الشفاء.
أشربها ببطء، كأنني أرتشف الوعي، كأنني أتعلم أن أتنفس من جديد.
كم مرّة تجاهلتني لأهتم بغيري؟
كم مرّة تأخرتُ عن لحظتي لأسبق الآخرين؟
وكم من الأيام مرّت وأنا حاضرة بالجسد فقط، بينما روحي كانت معلّقة في البعيد؟
لكن الآن.
في هذه الرشفة.
في هذا الصمت النقي.
أعود إليّ.
لا أفكر في الغد، لا أحزن على الأمس.
أكتفي بهذا الدفء، بهذه الرائحة، بهذا السلام الذي لا يحتاج كلمات.
أتعلم من القهوة أن الحياة لحظة،
وأنني أستحق أن أعيشها كاملة.بكل ما فيها من مرارة ودفء.
وأنت!
جرّب أن تتوقف قليلًا.
أطفئ الضجيج من حولك، واصنع لنفسك فنجان قهوة صادق.
لا تخلطه بالهروب، ولا بالهواجس…
بل اجلس معه كأنك تجلس مع نفسك التي طالما أهملتها.
ستكتشف شيئًا لا يُقال،بل يُشعر.
بقلم: هويدا أبو الحسن

