
لبنان الجديد في شرق أوسط متغير
خاص بِكَفّيكم: في ظل المتغيرات الحاصلة لرسم شرق أوسط جديد، كيف سيكون لبنان الجديد؟
لبنان والإعتداءات الإسرائيلية...
يعود تاريخ الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان إلى سنة 1948، واستمرت هذه الإعتداءات والخروقات الإسرائيلية للحدود اللبنانية على مرّ التاريخ حتى يومنا الحاضر.
إنَّ وجود التنوع الديني والمذهبي في لبنان يشكل حالة مريحة للصهاينة، لأنهم يعتبرونه بوابة مهمة لإفتعال الفتن وتأجيج الخلافات الطائفية التي تخدم مشروعهم التقسيمي، وذلك لأنهم هم أنفسهم يعيشون تعصبًا عنصريًا مذهبيًا قائمًا على قاعدة “فَرِّقْ تَسُدْ”.
لبنان والمنطقة… على حافة التصعيد…
لبنان اليوم على حافة الهاوية، ومن المرجح أن يتحول إلى غزة ثانية ما لم يتم التوصل إلى تسويات سياسية دبلوماسية. فلبنان بحاجة ماسة إلى تدخلات ووساطات دولية فعلية حاسمة قادرة على إرساء لغة التفاهم والحوار وعدم فرض قوة الأمر الواقع.
ولتحقيق هذه المسائل يجب أن يكون هناك قرار داخلي موحّد. خاصة أن لبنان يعاني من ضعف في السياسة الداخلية نتيجة التنوع الطائفي الذي يفرض عليه تناقضات واختلافات في المواقف السياسية. وتحديدًا في المواضيع المتعلقة بسلاح حزب الله، وعلاقة لبنان بإيران والدول العربية.
من الناحية الاخرى، على لبنان التمتّع بتفاهم سياسي عربي إقليمي يكون له دور فعّال في مواجهه المخططات الإسرائيلية-الأمريكية.
فالصراع الإسرائيلي الدائم مع حماس وحزب الله هو جزء من صراعها الإقليمي الأوسع، الذي يمتد ليشمل إيران وسوريا وغيرها من الدول المحيطة.
أهداف إسرائيل في لبنان…
بعد الحرب الأخيرة على لبنان لا تزال إسرائيل تسعى إلى إضعاف حزب الله أكثر فأكثر، إذ أنها لم تكتفِ بتصفية كبار قادة الحزب وعلى رأسهم أمين عام حزب الله “حسن نصر الله” وغيره من القادة الكبار الذين يترأسون مراكز قيادية وعسكرية مهمة. وصل الأمر بها الى تفجيرات “البيجر” واللاسلكي وصولًا إلى العناصر المسلحة المنتشرة على طول الحدود اللبنانية الجنوبية.
لهذا، إسرائيل عازمة على منع إعادة تسلح حزب الله من جديد، عن طريق حصاره برًا وبحرًا وجوًا لمنع وصول السلاح والأموال إليه. فسقوط نظام “بشار الأسد” كان ورقة رابحة بيد إسرائيل. كون هذا النظام كان سكة لعبور وتهريب الأسلحة والأموال من إيران إلى حزب الله عبر الأراضي السورية، بينما سمحت إسرائيل لنفسها، “بحرية العمل العسكري الكامل” لمهاجمة لبنان في حال انتهاك حزب الله أو أي كيان آخر في لبنان إتفاق وقف إطلاق النار.
الشرق الأوسط مهم لإسرائيل وحلفائها…
مصطلح الشرق الأوسط الجديد ليس بمصطلح حديث. فقد ظهر أولًا في العقد الخامس من القرن الماضي مع “برنارد لويس”، وهو ليس بمصطلح أو تسمية بسيطة إنما هو مخطط مدروس ومحضّر له بعناية.
وظهر أيضاً بوضوح مع وزيرة الخارجية الأمريكية “كوندا ليزا رايس” إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006. وحتى يومنا هذا، كلّما نشبت حرب جديدة بين إسرائيل وفلسطين أو بين إسرائيل ولبنان يعود مصطلح الشرق الأوسط الجديد للظهور للعلن وبقوة. ويعود سبب ذلك الى أن منطقة الشرق الأوسط تتمتع بموقع جغرافي مهم. ومخزون كبير لمصادر الطاقة والنفط، ولعل أهم المبررات وجود أهم الممرات المائية في العالم التي تربط أقصى الشرق بأقصى الغرب.
هذا الأمر جعل منطقة الشرق الأوسط تشهد ضغوطات كثيرة تقود بها إلى متغيرات جديدة وسريعة. فالأمن يتغير، والتحالفات والخصومات تتغير، والتهديدات تتغير. كذلك، النظرة لمرتكزات الإستقرار والسلام الإقليمي تتغير. وفي مقدمة هذه التغيرات، يبقى دعم إسرائيل والحفاظ على تطورها العسكري، الأمني والتكنولوجي، كونها الذراع الأمريكي الأكبر والأقوى في الشرق الأوسط، هو الهدف الأساسي للمخططات الأميركية الإسرائيلية.
البقاء؛ والسلطة للأقوى…
عند صراعات العمالقة والقوى العظمى، هل يبقى على الدول الصغيرة والمحدودة القوى أن تنأى بنفسها من هذه الصراعات، وتحفظ رأسها من العواصف الكبرى؟
لبنان بلد صغير من حيث المساحة، لكنه كبير من حيث الأهمية والموقع، والطبيعة والتنوع الجيولوجي والديني. لذلك، هو مطمع لكثير من الدول القريبة والبعيدة عنه التي تسعى إلى الحصول على حصتها منه. كأن لبنان “قالب حلوى” الجميع يرغب بالحصول على قطعته… ليضمن مصالحه في المنطقة العربية بشكل خاص، وبالشرق الأوسط بشكل عام.
لهذا، تدور أسئلة كثيرة في أذهان اللبنانيين حول مصير بلدهم الضبابي ما بين الإصلاح والتغيير. وبين ما اذا كانت كل الطروحات والخطوات والتشكيلات السياسية مجرد صورة لتنفيذ مخططات وإملاءات خارجية. لأنه، وعلى مرّ العقود وسنوات الحكم في لبنان… لم يكن يومًا سيد نفسه، إنما كان دومًا نتاج مشاورات وتدخلات خارجية، عربية إقليمية وحتى دولية. وتبقى التطلعات اليوم نحو غد أفضل للبنان، كدولة حقيقية مكتملة المعالم، قوامها بلد سيد حرّ مستقل.



