خاصمقالات

خاص بِكَفّيكم| العملية التربوية: بين الحس الانساني والذكاء الاصطناعي

خاص بِكَفّيكم| العملية التربوية: بين الحس الانساني والذكاء الاصطناعي

كتب رودي كلّاس، حقق الذكاء الاصطناعي تقدمًا ملحوظًا في مختلف الصناعات والمجالات، ولم يكن اندماجه في التعليم استثناءً. مهّد اعتماد الذكاء الاصطناعي في التعليم الطريق أمام خبرات التدريس والتعلم المبتكرة مع معالجة التحديات المختلفة التي تواجهها أنظمة التعليم التقليدية.

فما هو تأثير الذكاء الاصطناعي على التعليم وعلى العملية التربوية؟ وهل له القدرة على إحداث ثورة في طريقة التعلم والتعليم؟

للغوص أكثر على تأثير الذكاء الاصطناعي على العملية التربوية، يجب البدء بتعريفها. فالعملية التربوية مجموعة من الإجراءات والأنشطة المنظمة التي تهدف إلى تلبية الاحتياجات التعليمية وتحقيق الأهداف المحددة من قبل المؤسسات التعليمية. وهي تشمل عدة عناصر، كتحديد الأهداف التعليمية وصياغتها، واستخدام الطرق والأساليب المناسبة للتعليم، واستراتيجيات إدارة الصف والتحكم، والتفاعل بين هذه العناصر لتحقيق النتائج المرجوة. تهدف العملية التربوية إلى تطوير مهارات المتعلمين وتعزيز شخصيتهم والمساهمة في نموهم، وتعتبر عملية معقدة تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا فعالًا وتقييمًا مستمرًا لضمان نجاح العملية التعليمية.

انطلاقًا مما سبق، يمكن تحديد ثلاثة عناصر أساسية للعملية التربوية وهي: المعلم، المتعلّم، والأهداف. إذًا، تأثير الذكاء الاصطناعي على العملية التربوية يظهر جليًا عبر:

1- دعم المعلم

تُوفّر تقنيات الذكاء الاصطناعي مساعدة قيمة للمعلمين من خلال إتمام المهام الروتينية، مثل تسجيل الحضور وتقديم الملاحظات. من خلال تفويض هذه الأعباء الإدارية إلى الذكاء الاصطناعي، يمكن للمدرسين تخصيص المزيد من الوقت للتفاعلات الهادفة مع الطلاب، والتركيز على تعزيز التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات والإبداع.

2- تحديد الطلاب المعرضين للتعثّر الأكاديمي

يمكن أن تساعد التحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تحديد الطلاب الذين قد يتعرضون لخطر التخلف الأكاديمي. من خلال تحليل الأنماط في أداء الطلاب وسلوكهم، يمكن للذكاء الاصطناعي رفع التنبيهات المبكرة، وتمكين المعلمين من التدخل وتقديم الدعم المناسب قبل أن يواجه الطلاب تحديات كبيرة. كما أنّ وضع الذكاء الاصطناعي في خدمة التلاميذ الذين يواجهون صعوبات تعلمية سيؤمن لهم طرقًا مميّزة للتعلم.

3- إنشاء المحتوى الذكي

يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء محتوى يخدم الأهداف التعلمية، مثل الاختبارات القصيرة والتمارين والمواد الدراسية، المصممة خصيصًا لأهداف تعليمية محددة ومتطلبات المناهج الدراسية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأدوات إنشاء المحتوى المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تجعل المواد التعليمية أكثر سهولة وشمولية من خلال تحويل النصوص إلى تنسيقات مختلفة مثل الصوت والصور.

أمّا عن مدى خطورة تدخّل الذكاء الاصطناعي في العملية التربوية، فقد أفادت الأخصائية في علم النفس المدرسي والمشرفة التربوية جويل فغالي كميد أنّه مرحّبٌ بهكذا نوع من التكنولوجيا بشرط أن يبقى الأستاذ هو سيّد صفّه لئلا يخسر التلميذ عنصر التفاعل الإنساني والذي هو أساس كل عملية تربوية: فالمتعلّم بحاجة لسماع كلمات التشجيع النابعة من القلب التي تحثّه على العمل والمثابرة، والمعلّم أيضًا يحتاج لتلاميذ يلمسون شغفه الذي لا يمكن خلقه عبر الآلة.

أضافت كميد بأن لا خوف من سيطرة الذكاء الاصطناعي على العملية التربوية. من جهة المعلّم، عليه أن يدرك دوره ويتمرّس في استخدام الآلة لأنها توفّر تسهيلات جمّة، لكنها في الوقت عينه بحاجة لمن يمدّها بالأوامر لتؤدّي دورها بفعالية. أمّا من جهة المتعلّم، فالتخوّف من الوقوع في الكسل والاتّكالية حاضرٌ دائمًا، لكنّ دفع التلميذ نحو إظهار مهاراته الخاصة وإبعاده عن الروتينية في الدروس المنزلية يضعه في خانة الأمان.

ختمت كميد منبّهةً أنّ التخوف من الذكاء الاصطناعي في التربية يجب أن يحثّ كل معلّم ومربّي على إعادة النظر في طرق التعليم المعتمدة، داعيةً إلى التخلّي عن نمطية الدروس المنزلية والامتحانات، والتوجّه نحو ما يفيد المتعلّم في حياته اليومية وتقييمه على أساس المهارات الحياتية كمهارات العرض والخطابة والتفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى مهارات القراءة والكتابة وغيرها.

ختامًا، برز الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة وقلب الطاولة في عدّة مجالات، ومنها مجال التعليم، فمن المرجح أن يصبح الذكاء الاصطناعي في القريب العاجل جزءًا لا يتجزأ من المشهد التعليمي. إذا استطاع المعلّم معرفة توظيف هذا النوع من التكنولوجيا، تحوّلت الفصول الدراسية التقليدية إلى أنظمة تعليمية نابضة بالحياة، تواكب وتلبّي الاحتياجات الفريدة لكل طالب، فتُنشئ المؤسسات التربوية مستقبلًا يكون فيه التعليم أكثر سهولة وفعالية وتمكينًا. ففي ظلّ كل هذه الاحتمالات، هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينقذ القطاع التربوي في لبنان؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com