
هو المجتمع الذي يربط احترامه بشرف المرأة.
هو المجتمع الذي يدّعي التقدم والانفتاح وهو يمثل التخلف بأقبح صورة.
هو المجتمع الذي يلقي على عاتق المرأة جميع أمراضه وعقده النفسية ويتخذُ الذكورية ركيزةً أساسية له.
إنه المجتمع الشرقي الذي تعاني فيه المرأة أقسى أنواع العذاب، فهي تتعرض للعنف المنزلي من زوجها الذي يصل أحيانا إلى حد الموت دون محاسبة القاتل، فالدولة اللبنانية تحكمها شريعة الغاب حيث الظالم يفتك بالمظلوم دون أي اعتبارات للدستور الذي هو أسمى قانون في أي دولة في العالم.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد!
رغم أننا في القرن الحادي والعشرين الذي حمل الإنفتاح والتطور ومفاهيم احترام المرأة وتقديرها إلّا أن جرائم قتل النساء لا تزال في تزايد مستمر والمؤسف أن القانون والقضاة يمنحون الجاني أعذاراً تخفيفية لتقليص فترة الحكم أو التهرّب من الحكم.
وما زاد الطين بلة تدخّل رجال الدين وممارستهم الضغوط على القضاء حتى أصبحت الضحية هي الجلاد والمجرم هو ضحية، ولم تسلم من ألسنة الناس ونواياهم القذرة التي تُترجم من خلال التهم التي يفبركها رجال الدين للضحية.
تعود بنا الذاكرة الى الجريمة التي هزت بلدة بعقلين الشوفية، يوم قتلت السيدة منال حرفوش على يد زوجها مازن حرفوش عن سابق إصرار وترصد بعد أن خطط لجريمته، إلا أن القضاء اللبناني وجد لقاتل الروح البريئة عذراٍ لقتله زوجته وهو أن الجاني أي مازن حرفوش يعاني من اضطرابات نفسية، وهو لم يكن في كامل وعيه وإدراكه ساعة ارتكابه الجريمة.
والمؤسف، أن الضحية لم تسلم من السنة الناس ونواياهم القذرة فقط لأنها أنثى اتُهمت بشرفها ووفائها لزوجها واتخذت الجريمة صفة جريمة الشرف لتبرأة القاتل، فأصبحت الضحية جلاداً والمجرم ضحية لا سيّما بعد تدخل رجال الدين وممارستهم الضغط على القضاء.
فعلى الرغم من ادعائه الإستقلالية، إلا أن القضاء اللبناني يُعاني من ضغوطات سياسية ودينية إذ أن لبنان لم يفصل الدين عن الدولة كما أن القضاء مسيس، فكم من جريمة ذهبت أدراج الرياح تحت غطاء تسمية “جريمة شرف”، وكم من ملفات ذهبت في طي الكتمان بسبب المحسوبيات والغطاء السياسي؟
وهنا نسأل: “إلى متى سيستمر مسلسل قتل النساء بسبب ودون سبب؟ ومتى سيتحرر القضاء اللبناني من الضغوط التي تُمارس عليه للحكم بالعدل ومعاقبة كل مخطئ ليتحول لبنان لدولة عادلة؟



