
كتب محمد غزاوي
التّوقيت الصّيفي والشتوي هو عبارة عن تغيير في التوقيت الرّسمي إذ كثيراً من دول العالم يعيدون عقارب السّاعة ستّون دقيقة إلى الأمام إيذاناً بإنتهاء التوقيت الشّتوي والدّخول بالصّيفي والعكس صحيح، وذلك يتمّ بشكل طبيعي على مدار السّنة في لبنان إذا كان موعده الطّبيعي للتّقديم بساعة ليل الأحد في 26 آذار؛ هدفه العالمي هو الإستفادة من ساعات النّهار التي تزداد من بداية الرّبيع إلى ذروة الصّيف، وتتقلّص من الأخير إلى ذروة الشّتاء. ولكن بشكل سُمّي بالإستثنائي، ويُعتبر من قِبل بعض الأطراف مُخالف للطّبيعة والمنطق وأسباب الإلتزام، ويُعتبر من البعض الآخر مرتبط بشهر رمضان، تمّ تأخير إعتماد التّوقيت الصيفي لهذا العام، ليتُمّ تقديم السّاعة ستّون دقيقة من منتصف ليل نيسان 20-21 2023.
أتى هذا القرار عقب تسجيل للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي برئيس مجلس النّواب نبيه برّي، إذ عَرَض الأخير هذا الأمر على ميقاتي الذي وافقه الرأي بسهولة، ولكن سلّط الضّوء للحظة على الرّفض الذي حصل عليه المتعّلق بالتّأثير السّلبي الذي سيلحق بالملاحة الجويّة، إذ إنّ لبنان متحاكياً مع أنظمة الملاحة الجوّية العالمية، وعاملاً مع شركات طيران أجنبية بالإضافة إلى اللبنانية في مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، إذ أكّد طيران الشّرق الأوسط هذا الأمر ببيانه الذي أعلن فيه “تقديم مواعيد إقلاع جميع الرحلات المغادِرة من مطار رفيق الحريري الدّولي – بيروت ساعة واحدة لهذه الفترة وفقاً للتّوقيت المحلّي لمدينة بيروت”
أثار هذا الأمر جدلاً واسعاً من المجتمع اللبناني بواسطة مواقع التواصل الإجتماعي عامّةً ومن بعض الأطراف السّياسية خاصّةً، لدرجة وصوله إلى مُنحنى طائفي، إذ كيف على أن رجُلان فقط يتحكّمان حتّى بعقارب السّاعة في لبنان، من دون حسيب ولا رقيب، وما بالهم وما بال الشّعب الذي همّه بقوتِ عيشه كلّ يوم في ظلّ الأزمة الخانقة التي تشهدها البلاد، علماً بأنّ القرار صدر في لقاء يُشبه “الصّبحية” بنظر البعض على مواقع التّواصل، وأنه كما أن البلاد لُعبة حُرّة، قوانينها تتغيّر بحسب مشيئة الحُكّام ومزاجهم من دون الأخذ بالإعتبار إعتراض الرّأي العام.
وبما يخصّ إحتماليّة شهر رمضان بأن يكون السّبب، فإنّ الصائم على كلتا الحالتين يلتزم بشروق الشّمس وغروبها في صيامه، وليس بما تشير إليه عقارب السّاعة، الأمر الذي دفع البعض إلى إستبعاد هذا السّبب كسبب رئيسي حقيقي وليس تمويه لمجرّد تنفيذ رغبة رجُلان ذو منصب في الدّولة.
هذا السّجال الطّائفي دفع عدد من الشّخصيّات السّياسية والمدنيّة بالإعتراض وإستنكار اللقاء، ومنهم رئيس التّيار الوطني الحرّ النّائب جبران باسيل، مغرّداً على موقعه عبر تويتر:” قصّة السّاعة ما بتنقبل ومعبّرة كثير بمعانيها… ما بجوز السّكوت عنها لحدّ التّفكير بالطّعن فيها أو بعصيانها”. فيما صرّح الجانب الكتائبي النّائب إلياس حنكش، أنّه سيتقدّم بطعنٍ أمام مجلس شورى الدولة، لمخالفة التوقيت الصيفي.
نختتم بالخلاصة بأنّ هذا القرار قد يُبعد لبنان أكثر من إرتباطه الدّولي بقطاعات معيّنة، وبشكل عام يخلّ بإنتاجيّة الأعمال ولا يتناسب مئة بالمئة مع ساعات النّهار الثّمينة الكاملة التى يجب علينا أن نستعملها ونستعمل معها ساعات الليل ونسهر على إصلاح وتضميد جراح الوطن، آخذين بعين الإعتبار حقيقة التّحكّم والتّسلّط على البلاد وقرار لا نفع ولا فائدة منه لإصلاح البلاد بلقاء يُشبه جلسة قهوة صباحيّة، فيما الطرف الآخر كل ما يهمه هو أن يحوّر الأمور إلى منحى طائفي وتأجيجٍ مذهبي قد تكون نتيجته لا تحمَد عقباها.
أمّا المواطن؟… فعليه السّلام.



