
كتبت ملاح يحيى:
إن الوضع الإقتصادي الصعب الذي يمر به لبنان حالياً قد أثّر بشكلٍ سلبيّ على البيئة والأحراج، فقد دفعت الأزمة المتفاقمة اللبنانيين إلى الأحراج من أجل قطع الثروة البيئية بغية تأمين البيئة الدافئة لعائلاتهم في ظل الشتاء القارص الذي مرّ على البلاد.
فهل كان الناس على دراية بخطورة الأمر؟
في الحقيقة الناس كانت تعي خطورة الأمر، ففي حديثي مع بعض الأشخاص والأصدقاء، أتى الجواب على النحو التالي: “نحن نعي الخطورة، ولكننا لا نملك المال الكافي لشراء المحروقات الباهظة الثمن من أجل أن نؤمن الدفئ في منازلنا، فنحن أيضا لا نملك القدرة على الطبابة ودفع تكلفة المستشفيات في حال مَرِض أحد أفراد الأسرة جراء تعرضه للبرد. لا نملك حلاً سوى قطع الأشجار للتدفئة!!”
هل أصبحت البيئة في لبنان مهددة!
البيئة في لبنان لم تعد مهددة فحسب، بل أصبحت في حالة انقراض وذلك بسبب غياب الوعي، وبسبب الأزمات المتتالية التي أصابت اللبنانيين. في الحقيقة، تميّز لبنان منذ القدم بطقسه المعتدل وبيئته الخلابة، وكان معْلماً سياحياً عامّاً يزوره الشرق والغرب، متباهياً ببحره الذي يسنده الجبل. ولكن الإستمرار في قطع الأشجار من الغابات والأحراج سيؤدي حتماً إلى التصحر وبالتالي ستتحول التربة من تربة صالحة للزراعة إلى تربة منجرفة ومضمحلة لا تصلح للزراعة. وبذلك قد يدفع الإستمرار في قطع الثروة البيئية في لبنان إلى تحول لبنان من واحة خضراء، إلى صحراء يملأها الشوك.
وهنا يمكننا القول، أن المسؤولية لا تقع على عاتق المواطن الذي لجأ لقطع الأشجار من أجل تدفئة منزله، فحسب، إنما تقع أيضاً على عاتق الدولة التي لم تستطع أن تؤمن وسائل ومواد التدفئة لشعبها، والتي لم تستطع أن تقوم بإصلاح إقتصادي جدّي لحد اليوم. كما أنه يجب أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في معاقبة التُجّار، فبعضهم يعمد على رفع أسعار السلع بشكل غير طبيعي، وبعضهم الآخر لجأ إلى الجبال فعمد على قطع الأشجار وتعرية الغابات بهدف المتاجرة بالحطب وبيعه إلى الناس بأسعار غير معقولة وغير مدروسة.
لهذا السبب أتوجّه إلى المعنيين بضرورة إقامة حملات توعية عن خطورة الأمر، ويمكن أن تُقام مثل هذه الحملات في المدارس والجامعات وفي البلديات والقرى. فنحن في أمسّ الحاجة لحماية أحراجنا من التصحر والزوال، كما أننا بحاجة إلى كل تلك الأشجار لتنقية الجو من الغبار ومن أدخنة المصانع ومن شبح التكنولوجيا. إذاً فالبيئة هي أغلى ما نملك الآن في لبنان، هي ثروة كبيرة يجب المحافظة عليها واستثمارها بما فيه خير لجميع اللبنانيين. فالبيئة هي الطبيب الدائم لجميع أوجاعنا فمنها نأخذ الأعشاب لصناعة الأدوية، وإليها نهرب من ضجيج الحياة. فالمحافظة على بيئتنا هي السبيل الأول لنا للمحافظة على صحتنا وبقائنا.
أخيراً وليس آخراً، يقع اللوم على عاتق الدولة، التي نهبت شعبها، إنما يقع اللوم الأكبر على عاتق الشعب نفسه الذي أتى بأكثرية نيابية فاسدة هدفها حماية مصالح الخارج، والدفاع عن شعوب أخرى. بالفعل: “عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه.
‘إحمي بيئتك، تكسب عائلتك’



