
كتب روبير أبو شحادي
كلما نرى العتمة، يختفي العالم من حولنا وتنطفئ الأنوار ويبسط الظلام ذراعيه، وهكذا الكهرباء في لبنان نراها تارةً وتختفي تارةً أخرى ولا تعود، إنها عاصفة تُرعد وتمطر التعاسة والإشمئزاز التي دمرت وجوههم وعادت بهم الى عصر الحجري…
فمن المسؤول عن هذه العتمة؟ لقد بسطتم الظلام كما ونشرتم السرقة على مساحة الوطن.
وأخذتم بهجتهم وفرحتهم على حساب المحاصصة آخذين أيضاً بصيص أمل المواطنين في العيش الكريم. لقد كانت وعودكم مجرد حبر على ورق كما كانت أيضاً وعوداً غير مرئية يعجز علماء الفيزياء عن إيضاح السبب لأنهم يخترعون التفاهة والفكاهة لطالما يطورون فكرهم وينجزون أية مشروع يحسن من إنتاجية الكهرباء.
الحكومة أقرت سلفة لدعم قطاع الكهرباء بقيمة ٨٠٠ مليار ليرة (بحسب صوت بيروت إنترناشيونال) التي تشغل المعامل والإتفاقيات المنعقدة مع الدول العربية بعدما وعد وزير الطاقة بزيادة بتعرفة الجباية التي خنقت المواطنين وجعلت حياتهم مشمأذة وسطوتم على أرزاقهم، هل رضعتم حليب الفساد والكراهية والسرقة؟
في عام ١٩٩٥ تم إنشاء معملين في كل من صور وبعلبك بناءاً على طلب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وفي بداية الأمر كانت طاقة المعلمين تشكل حوالي ٧٠ ميغاواط، وفي بداية ١٩٩٦ تم إعطاء الكهرباء لكافة الأراضي اللبنانية، إلّا ان العدوان الإسرائيلي على لبنان في السنة نفسها (عناقيد الغضب) أدى إلى تدمير بعض محطات الكهرباء.
إلّا أن مهيب عيتاني (مدير عام مؤسسة كهرباء لبنان آنذاك) استطاع أن يعيد تشغيل المحطات بظرف ٤٨ ساعة فقط بعد توقف القصف الإسرائيلي. كما تم إرسال معدات فرنسية لمحطة بصاليم مع حماية فرنسية لمنع القصف الإسرائيلي. وهكذا تم إعادة التغذية بنسبة ٩٠٪ وبعد القصف الإسرائيلي تمكنت المؤسسة من شراء باقي المعدات وبذلك أعيدت الكهرباء بنسبة ٢٤ ساعة للمناطق التي تتغذى من تلك المحطة في عام ١٩٩٧. وقد تم رفع القدرة الإنتاجية إلى ١٤٠٠ ميغاواط بين عامي ١٩٩٣ و ١٩٩٧، وقد زادت التغذية آنذاك من ٣٠٠ ميغاواط إلى ٢٤٠٠ ميغاواط عام ١٩٩٨ في حين ان البلد يومها كان بحاجة الى حوالى ٢٠٠٠ ميغاواط تقريباً.
وهنا برزت الحاجة الماسة للغاز الطبيعي من أجل استخدامه، عندها أبدت دولة قطر إستعدادها لبيع لبنان الغاز، إلا أن النظام الس.و.ر.ي آنذاك لعب دوراً كبيراً في تعطيل هذا الإتفاق، ومن المعروف أن المازوت، غالي الكلفة كان يتم إستيراده من سوريا، وهكذا عانى لبنان من يومها إلى حين استلم التيار الوطني الحر عام ٢٠٠٩ ملف الطاقة. وكان التيار الوطني الحر يضع شرطا رئيسيا وهو إستلام وزارة الطاقة، وقد كان هذا المطلب سبباً مهماً في تأخير تشكيل الحكومات، وقد استطاع جبران باسيل تسلم وزارة الطاقة منذ العام ٢٠٠٩، وما زالت من حصة التيار حتى يومنا هذا، بحيث كلّف الدولة حوالي ال40 مليار دولار، أي نصف الدين العام اللبناني، وما زلنا نعاني إلى يومنا هذا.
وأخيرا ،نأتي الى أصحاب المولدات الخاصة التي تسحب أرواحنا وتدفعنا للموت، والمصيبة الكبرى أن تسعيرتهم أصبحت بالدولار المظلم وجشعهم بالطمع على حساب فقدنا للمعيشة. كل تاجراً يسرق لحسابنا لمصلحة جيوب الفاسدين والهاربين عن القانون والدستور … أين الرقابة الإقتصادية؟ أين تفعيل قانون حماية المستهلكين؟ في الدُرج؟ أم نائمة مطمئنة من سرقتها وفسادها والشعب مذعور … إفرح وابتهج يا معالي الوزير لأن لبنان يطفئ نوره السياحي والاقتصادي والإجتماعي أمام الدول ولا نزال ننتشل الكهرباء من بئر لكي لا نذهب الى حمل الوطن على نعشٍ وندفن مستقبلنا معه … كما وأطفئتم معكم عروس الشرق الأوسط وعروس السياحة سويسرا الشرق “بيروت”…



