خاصمقالات

إسرائيل تتنازل وحماس ثابتة

خاص بِكَفّيكم | وقف إطلاق النار: حماس تقطع يد إسرائيل وتجدد عزمها

كتب إبراهيم عفيفي؛ إسرائيل تتنازل وحماس ثابتة. وقف إطلاق النار: حماس تقطع يد إسرائيل وتجدد عزمها

إسرائيل تجثي على الركب

لن تكون هناك حماس في غزة في نهاية الحرب. هذا ما قاله نتنياهو والمسؤولون الإسرائيليون في بداية معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023. واليوم يقول المسؤولون الإسرائيليون نفسهم إنهم ينتظرون رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار. فمن المهم للباحث وحتى للشخص العادي أن يفهم سبب هذا الاختلاف الجوهري في الخطاب الإسرائيلي منذ بداية الحرب وحتى اليوم.

 

حماس ترفض الهدنة وتطلب وقف الحرب 

تمكنت حماس منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم من إدارة هذه المعركة على المستوى السياسي بشكل فاق التصور بنجاحه. فبداية من الهدنة الإنسانية في نوفمبر 2023 إلى اليوم أثبتت حماس قدرتها على تحريك المياه الراكدة في المفاوضات.

فالهدنة الإنسانية في نوفمبر 2023 كانت مهمة جدا بالنسبة لحماس من أجل ترتيب الجبهة الداخلية وإعداد الأمور اللازمة لصمود دام أكثر من 15 شهرا. والجدير ذكره أن كل الباحثين الإسرائيليين وقتها وصفوا تلك الهدنة أنها كارثة على إسرائيل. وستسمح لحماس بترتيب وضعها للحرب البرية بشكل أكبر، وهذا ما كان.

ومنذ تلك الهدنة أصبح الملف الأساسي في المفاوضات هو وقف الحرب وليس هدنة أخرى. فأدركت حماس أن هدنة أخرى لن تصب في مصلحتها. خاصة أن إسرائيل لن تقبل أن تكون تلك الهدنة مشابهة للهدنة الأولى، وذلك بسبب ما رأته من ترتيب داخلي في حماس خلال تلك الهدنة، إضافة إلى تخوف حماس من نشاط استخباراتي كبير في الهدنة الأمر الذي قد يؤدي إلى تحرير العديد من الأسرى في غزة.

 

كلمة السر: الجبهة الداخلية

أدرك الجميع مدى صلابة المجتمع الغزي واحتضانه للمقاومة، وهذا الأمر كان ولا يزال يشكل صدمة كبرى للإسرائيليين. فبعد 15 شهرا من الإبادة والتدمير والتجويع يخرج هذا الطفل أو ذاك فاقدا لأهله وبيته وربما يكون فاقدا لأحد أطرافه ليقول “فداء للمقاومة” أو يدعو المقاومة لزيادة ضرباتها للاحتلال. كل هذا يجعلنا نقف -بذهول- محاولين فهم صلابة الجبهة الداخلية لحماس. منذ 1987 وحماس تبني اجيالا حاضنة للمقاومة ولأفكارها… مدركة أنه من أراد الدخول في حرب كبيرة وطويلة مثل “طوفان الأقصى” لا بد أن يكون ظهره محميا، وهذا ما كان.

فلولا صمود أهل غزة لما صمد المقاتلون كل هذه المدة الطويلة فوصل اليأس في إسرائيل أقصى مراحله. فماذا يمكن تسمية خروج رئيس وزراء الدولة التي تقول إنها “الأقوى في الشرق الأوسط” ليقول إنه تمت زيادة المكافآت المالية لمن يدلي بمعلومات عن أي من قيادات حماس؟ لا يمكن وصف هذا الأمر سوى باليأس الشديد. اليأس من محاولة خيانة أهل غزة للمقاومة ومحاولة إغرائهم بالمال عل وعسى أن يفلحوا، الأمر الذي فشل فشلا ذريعا.

أهل غزة ولا إحدى سواهم أفشلوا الخطة الأبرز والأهم للجيش الإسرائيلي في هذه الحرب “خطة الجنرالات”. والتي يمكن اختصارها أنها زيادة الضغط العسكري بشكل كبير على شمال القطاع من أجل تهجير أكثر من 250 ألفا إلى وسط وجنوب القطاع. وذلك من أجل إقامة منطقة عازلة. خطة الجنرالات التي تم تهيئة جميع ظروف نجاحها من قصف مستمر على مدار الساعة، وتجويع ومنع المساعدات من دخول شمال القطاع… والاعتقالات المجحفة للمواطنين وللكوادر الطبية، ولكن مع كل هذا فشلت فشلا كبيرا. فمنطقة “بيت حانون” الواقعة شمال القطاع والتي تعرضت لدمار نسبته 100% وأول منطقة دخلتها الدبابات الإسرائيلية. يخرج منها -قبل أيام- رشقة صاروخية لتدك مدينة القدس المحتلة. الأمر الذي شكل صاعقة للإسرائيليين، وجعل “إيهود باراك” يخرج ليقول “لو استمرت هذه الحرب لعشرين سنة متواصلة، لن نتمكن من الوصول إلى آخر صاروخ لحماس”.

 

غزة تقضي على نتنياهو

إن هزيمة نتنياهو الساحقة في غزة ستنهي مستقبله السياسي هذا ما قاله أبو عبيدة، المتحدث العسكري للقسام في 31 أكتوبر 2023. وهذا ما يتوقع العديد من الباحثين والمراقبين الإسرائيليين وغير الإسرائيليين أنه سيحدث. فمنذ السابع من أكتوبر ونتنياهو يحاول التنصل من مسؤوليته تجاه ما حدث. ويلقي اللوم على القيادات العسكرية فقط، ويحاول أن يظهر أنه الشخص الذي لا يخطئ.

ظل نتنياهو يقول على مدار 15 شهرا أنه سيعيد الأسرى عبر الضغط العسكري وأنه لا بديل عن الحلول العسكرية لإعادتهم. ولكن اليوم أقل ما يقال عن الاتفاق الذي تم إنه مذل ومهين لإسرائيل. فبداية من ضمانات عدم استمرار الحرب، مرورا بعودة أكثر من مليون مواطن إلى شمال القطاع، وصولا لخروج الأسرى عن طريق “التفاوض” لا غير. وأيضا الحديث يدور عن خروج من 2000 إلى 3000 أسير فلسطيني في المرحلة الأولى من الاتفاق فقط. وذلك مقابل 33 أسيرا إسرائيليا لا غير وأيضا خروج الأسرى من أصحاب المؤيدات في السجون الإسرائيلية الذين لطالما تبجح نتنياهو أنه من غير الممكن أن يخرج هؤلاء “المجرمين” يشكل ضربة قاسمة لنتنياهو أمام المجتمع الإسرائيلي.

الأسئلة تزداد في الداخل الإسرائيلي. وذلك لكون هذا الاتفاق قد تم بناؤه على أساس اتفاق مايو 2024 الذي أجهضه نتنياهو بحجة أنه يضر “أمن إسرائيل القومي”. فهل أصبح هذا الاتفاق اليوم لا يضر الأمن القومي؟ أم أن مفهوم الأمن القومي قد تغير من مايو إلى اليوم؟ كل هذه الأسئلة تشكل ضغوط رهيبة على نتنياهو. خاصة أنه من مايو إلى اليوم قتل مئات الجنود الإسرائيليين، شوهت صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي أكثر فأكثر.

بعد 15 شهرا تبين للجميع أنه لا يمكن القضاء على حماس مهما ازداد الضغط باختلاف أشكاله وأنواعه. وأنه مهما طالت الحرب فإن المقاومة ستظل متمسكة بشروطها. وإن الفضل في الاتفاق لا يمكن أن ينسب إلا إلى أولئك الشباب الحفاة الجياع الذين يخرجون من الإنفاق على مدى 15 شهرا ليدمروا دبابة ولينصبوا كمينا وليقنصوا الجنود…

قد يهمك أيضًا: حماس تعبث بحسابات الشاباك… فهل ستنتقل المشهدية من غزة إلى تل أبيب؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com