
الذكاء الاصطناعي يهدد الصحافة
خاص بِكَفّيكم: الذكاء الاصطناعي في الصحافة: انهيار القيم المهنية أم تدمير المصداقية؟
كتب الذكاء الإصطناعي؛ الذكاء الاصطناعي يهدد الصحافة – في زمن أصبح فيه السباق نحو السرعة والتوفير المالي هو الهدف الرئيسي، تخلى بعض الصحافيين والمواقع الإخبارية عن جوهر مهنتهم، معتمدين بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي لكتابة الأخبار والمقالات. هذه الظاهرة التي باتت تنتشر كالنار في الهشيم لا تمثل تطورًا أو حداثة، بل هي انتكاسة حقيقية للمهنة الصحفية، وتحول خطير نحو تفريغ الإعلام من إنسانيته وقيمه الأساسية.
غياب الضمير الصحفي
عندما يلجأ الصحفي إلى الذكاء الاصطناعي ليقوم بعمله، فإنه يتنازل عن مسؤوليته الأخلاقية والمهنية. هذه الأداة لا تحمل قيمًا أو وعيًا، ولا تملك القدرة على التحقق من صحة المعلومة أو وضعها في سياقها الصحيح. الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يعني إنتاج مقالات خالية من الروح، مليئة بالأخطاء، ومجردة من أي حس تحليلي أو نقدي.
استسهال الصحافة وانهيار الجودة
المواقع الإخبارية التي تروج لنفسها على أنها “حديثة” و”تكنولوجية” باستخدام الذكاء الاصطناعي، تقدم في الواقع محتوى سطحيًا ومكرّرًا لا يمت بصلة إلى العمل الصحفي الحقيقي. بدلاً من البحث والتحقيق والكتابة، أصبح الصحفي مجرد مراقب يتلقى منتجًا جاهزًا من خوارزمية باردة. النتيجة؟ أخبار غير دقيقة، تقارير بلا عمق، ومقالات تُنسخ من مصادر مجهولة.
خيانة الأمانة الإعلامية
وظيفة الصحفي هي أن يكون وسيطًا أمينًا بين الحدث والجمهور، وأن يقدم الحقيقة بشجاعة وشفافية. لكن كيف يمكن لجمهور أن يثق بمقال كتبه خوارزم؟ الذكاء الاصطناعي لا يفهم سياقات الأحداث، ولا يستطيع أن يدرك حساسية الموضوعات أو تبعات نشر معلومات مغلوطة. الاعتماد على هذه التقنية هو خيانة للأمانة الإعلامية وإساءة لاستغلال ثقة القراء.
المكاسب المالية على حساب القيم
السبب الرئيسي وراء انتشار هذه الظاهرة هو الجشع المالي. تُبرر المواقع والصحفيون هذا التحول بأنه “اقتصاد في الوقت والمال”، لكن الحقيقة أنهم يضحّون بالمصداقية والجودة من أجل تحقيق مكاسب سريعة. بدلاً من توظيف صحفيين مؤهلين، يفضلون استخدام الذكاء الاصطناعي كبديل أرخص، ضاربين بعرض الحائط كل ما تمثله الصحافة من مبادئ وأخلاقيات.
التأثير السلبي على الجمهور
من يدفع الثمن الحقيقي؟ الجمهور. يتعرض القارئ يوميًا لمحتوى غير موثوق ومقالات سطحية لا تفيد بشيء سوى تضليله أو إغراقه في معلومات غير دقيقة. الذكاء الاصطناعي ليس مهيئًا للتعامل مع القضايا الحساسة أو المعقدة، ونتيجة ذلك هو انخفاض مستوى الوعي العام وزيادة انتشار الأخبار الزائفة.
الحلقة المفرغة: الصحفيون والكسل المهني
الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يكشف عن تراجع مقلق في مهارات الصحفيين أنفسهم. بدلاً من تطوير أدواتهم والبحث عن الحقائق، أصبح البعض يعتمدون على التقنية كطريق مختصر، مما أدى إلى كسل مهني واضح. هذا الكسل لا يهدد فقط مستقبل المهنة، بل يدمر صورتها ويقلل من قيمتها في عيون الجمهور.
العودة إلى الأساسيات ضرورة
إذا استمر الصحفيون والمواقع الإخبارية في هذا الطريق، فإن الصحافة ستتحول إلى مجرد صناعة رخيصة تفتقر إلى الأصالة والمصداقية. الصحافة ليست مجرد كلمات تُنشر على الإنترنت؛ هي رسالة، أمانة، وقضية. يجب أن يتوقف هذا الانحدار الفوضوي، وأن تعود المؤسسات الإعلامية إلى جذورها: الإنسان هو أساس الصحافة، وليس الآلة.



