خواطر اليوم: أبحث عن صوتي الضائع

خواطر اليوم: أبحث عن صوتي الضائع
أريد أن أصرخ بأعلى صوت، أن أطلق هذا البركان المكبوت في صدري، أن أحرر الكلمات العالقة في حنجرتي كطائر مذعور يبحث عن نافذة للهروب. أريد أن أصرخ حتى ترتجف السماء وتتناثر الغيوم، حتى يسمعني الكون بأسره، وحتى أسمع أنا صدى صوتي في داخلي.
كم أرهقتني هذه الصراعات الصامتة، كم عانقت وحدتي دون أن أبوح، وكم خنقت دموعي قبل أن تنساب على وجنتي. أريد أن أصرخ لأن الصمت لم يعد يحتملني، لأن الصمت بات سجناً ضيقاً، وأنا أبحث عن حريتي في هذا الصوت الذي يثقلني.
أريد أن أصرخ لأقول للعالم إنني تعبت، وإنني لم أعد أتحمل هذا الألم الذي يسري في عروقي كسم بطيء. أريد أن أصرخ لأعترف بكل تلك المشاعر التي حاولت دفنها مرارًا، لكنها تنهض من أعماقي كالأشباح لتطاردني.
أريد أن أصرخ ليسمعني أولئك الذين تجاهلوا وجعي، الذين ظنوا أنني قوية بما يكفي لأواجه كل شيء وحدي. أريد أن أصرخ حتى أقول إنني إنسان، وإن قلبي، رغم صلابته الظاهرة، ما زال هشاً ينبض بالألم.
ولكن… في النهاية، أدرك أن الصرخة ليسلت الحل. أدرك أن الصوت الذي أبحث عنه ليس في الضجيج، بل في أعماقي، في تلك اللحظة التي أصمت فيها وأسمع نفسي حقاً. ربما تكون الصرخة بداية التحرر، لكنها ليست النهاية. النهاية هي حين أجد السلام في داخلي، بعيداً عن كل ما يثقلني.
بقلم هويدا أبو الحسن


