
خاص بِكَفّيكم: سوريا، صريعة المشاريع والجغرافيا…
سوريا، صريعة المشاريع والجغرافيا…
كتب د. حسين المولى؛ سوريا، صريعة المشاريع والجغرافيا… – لطالما كانت سوريا هدفًا أمريكيًّا، أوروبيًّا وعربيًّا في محاولة لإخراجها من محور المقاومة… باعتبارها الجغرافيا الأهم في هذا المحور لجهة الامتداد وتوريد السلاح وعبور قوافله بأريحية.
بدأ استهداف سوريا في العام 2003 مع القانون الذي أصبح اسمه “قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان” عندما وقعه جورج بوش الابن في 12/12/2003 ليصبح القانون العام 108-175، وهي لم تكن حزمة العقوبات الأولى على سوريا في جميع الأحوال، كما أن الرئيس الأميركي الأسبق أوباما استحضر ذلك القانون مجدداً عندما طلب تفويضاً من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية ضد سوريا عام 2013.
أما قائمة الطلبات الأميركية من سوريا في ذلك القانون، فكان أبرزها بحسب ترتيبها في النص القانوني:
1) وقف دعم المقاومة ضد الكيان الصهيوني وإعلان نبذها وإدانتها رسمياً من طرف سوريا، وإغلاق مكاتب حركات المقاومة ومعسكراتها ومنشآتها في سوريا، ويحمّل نص القانون سوريا مسؤولية الهجمات على الكيان الصهيوني من طرف المنظمات التي تتخذ من سوريا قاعدةً لها.
2) وقف دعم المقاومة العراقية ومنع انتقال المتطوعين ونقل المعدات العسكرية وغيرها من سوريا إلى العراق “فوراً وبصورةٍ غير مشروطة”. وكانت ديباجة القانون قد حمّلت سوريا مسؤولية كسر الحظر النفطي على العراق، واتهمتها بتهريب معدات عسكرية إلى العراق قبل الغزو وخلاله.
3) سحب القوات السورية وكل أشكال الوجود الأمني السوري من لبنان وإعلان جدول زمني للانسحاب.
4) نشر الجيش اللبناني في كل المناطق اللبنانية و”إخلاء حزب الله والحرس الثوري الإيراني جنوب لبنان” (هكذا جاءت حرفياً).
5) “على حكومة سوريا أن تكفّ عن تطوير الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى ونشرها، وأن تتوقف عن تطوير الأسلحة البيولوجية والكيميائية” (المستهدف هو الصواريخ السورية إذاً، والمطلوب نزعها).
6) “على حكومتي لبنان وسوريا أن تدخلا في مفاوضات ثنائية جدية غير مشروطة مع حكومة “إسرائيل” من أجل تحقيق سلام كامل ودائم” ولم يُذكر – عادل. ويوجد في قسم العقوبات في القانون بندٌ يربط رفعها تدريجياً بمدى تقدم العلاقة مع الكيان الصهيوني.
واستتبع هذا القانون بقرار مجلس الأمن 1559، ببنوده المعروفة، ثم استتبع باتهام سوريا باغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، حتى خروجها من لبنان في العام 2005.
إخراج سوريا من محور إيران
عربياً، جرت محاولة إخراجها من محور إيران كما يسميه الخليج العربي، في مبادرة الملك عبدالله تجاه سوريا عام 2009. والتي توجت بزيارة الملك عبد الله إلى سوريا لكسر عزلتها بعد اغتيال الحريري وإخراجها من لبنان. و التي أجبرت سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك بزيارة دمشق رغم اتهامها بقتل والده. ولما فشلت هذه المبادرة في إخراج سوريا من محور المقاومة، تم استغلال الحراك الشعبي السوري من قبل دول الخليج. وذلك من خلال عسكرته ودعم تشكيل مجموعات أصولية سنية مقاتلة في سوريا، تواجه النظام وتتلقى الدعم بالمال والرجال والسلاح عبر تركيا والأردن من دول الخليج العربي؛ السعودية الإمارات وقطر… بهدف ضرب سوريا، وبهدف إخراجها من الحضن الإيراني، وذلك بدأً من العام 2011.
وقد تم إخراجها من جامعة الدول العربية وسحب التمثيل الدبلوماسي، حتى استطاع حزب الله بدءًا من العام 2013، وبمساندة إيران، وثم التدخل الجوي الروسي من إفشال هذه المحاولات العربية والغربية.
بيد أن النظام السوري أصبح محكوماً من قبل المستشارين الإيرانيين، بحكم المساعدات العسكرية والأمنية والاقتصادية التي قدمتها وحزب الله… والتي ساهمت بانتصار النظام وثباته. هذا التدخل ما زال يؤرق القيادة السورية… ولطالما جعلت سوريا هدفاً للعدوان الإسرائيلي عليها بحجة ضرب حزب الله وإيران، ولم تنفك الدول العربية تحاول ثني بشار الأسد عن هذا المحور، وبكافة الطرق.
سوريا 2024
وقد استكملت المحاولات الإسرائيلية والأمريكية أخيراً تجاه سوريا. بعد حرب أيلول 2024 على لبنان، باستهداف مقر للقوة الرابعة في 29 أيلول 2024 والتي يرأسها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد! في رسالة صهيونية للرئيس السوري بأنك هدف إسرائيلي سهل. في رسالة لثني سوريا عن أي مساعدة لحزب الله في هذه الحرب. ولم تتوقف الاستهدافات على كامل الأرض السورية بل زادت من وتيرتها في المدة الأخيرة! حتى توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين حزب الله والعدو الإسرائيلي. بحيث تم تحريك جبهة الشمال السوري من قبل تركيا ومن تدعمه من قوات المعارضة السورية. ومن الولايات المتحدة الأمريكية ومن تدعمهم من تحالف العشائر العربية وقوات قسد، مستفيدة من توقيت إنشغال حلفاء سوريا في كارثة نتائج حرب إسناد لبنان الأخيرة على أن ذلك من الداعمين لأهدافه.
فالتركي يسعى لحسم معركته مع الأكراد، ولاحتلال مناطق في شمال سوريا ليعيد إليها لاجئين سوريين في تركيا. ويسعى التركي أيضًا لحجز مقعد له في مباحثات انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية. كون تركيا المستفيد الاول من هذه الحرب عبر إتفاقية الممر الآمن لتصدير الحبوب والمواد الأوكرانية… الذي جعل من تركيا المفاوض الأساسي فيها كون كل هذه المواد تمر عبرها. واتفاقية تصدير الغاز الروسي عبر تركيا… فهي تحاول أن تساوم بالملف السوري مع روسيا، لضمان ما يمكن من مكاسب في حال انتهاء الحرب مع أوكرانيا.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فهمها إضعاف النظام في سوريا لا إسقاطه. ويهمها أن تسيطر المعارضة السورية بكل أطيافها على شمال وشرق سوريا، لقطع شريان العراق الحيوي مع سوريا خدمة لإسرائيل في قطع هذا الامتداد الحيوي لمحور المقاومة. وقد يحمل هدف استدراج آخر لحزب الله للغوص في الوحل السوري.
ومهما حملت التحليلات فإن تغييرًا كبيرًا في سوريا قادم! وبمباركة روسية في مقايضة واضحة بين الساحات، مع احتفاظها بقاعدتها في البحر السوري.



