خاصمقالات

إستشهاد السنوار، إشتباك وليس إغتيال

خاص بِكَفّيكم: إستشهاد السنوار، إشتباك وليس إغتيال

خاص بِكَفّيكم: إستشهاد السنوار، إشتباك وليس إغتيال


إستشهاد السنوار، إشتباك وليس إغتيال

كتب إبراهيم عفيفي؛ إستشهاد السنوار، إشتباك وليس إغتيال – 17 تشرين الأول من عام 2024 كُتب السطر الأخير في حياة يحيى السّنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. حيث اعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل السّنوار في منزل في تل السلطان في رفح على يد قوة مشاة إسرائيلية. والعجيب أنه تم التعرف عليه عن طريق الصدفة وليس من خلال معلومة استخباراتية قيّمة. فمن هو كابوس إسرائيل الأول؟ وكيف خلط أوراق نتنياهو حتى في موته؟

 

الـسّـنـوار: من الأسر إلى الطوفان

عاش السّنوار بدايات حياته كأي شاب فلسطيني في ذلك الوقت، رافضاً للإحتلال، محاولاً التصدي له بالطرق الممكنة. وكان السّنوار أول من اقترح فكرة إنشاء منظمة الجهاد والدعوة “مجد”. وهي المكّلفة بتعقب العملاء والجواسيس والتّرصد لهم داخل غزة والقضاء عليهم.
اعتُقل السّنوار عام 1988 وكان أول فلسطيني يُعتقل بتهمة قتل فلسطينيين وليس إسرائيليين، وحُكم عليه بالسجن 425 عام.

منذ أول أيامه في الأسر، بدأ بتعلّم العبرية والاستماع لقنواتهم، وبدأ بدراسة معمّقة لتحليل المجتمع الإسرائيلي لمعرفة كيفية مواجهتهم. والعجيب أنه قام بإنشاء نفس الجهاز الذي سجن بسببه في داخل السجن.

خرج السّنوار من السجن عام 2011 بعد صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل برفقة 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط”. وتولى عدة مهام سياسية في قطاع غزة، أبرزها؛ تولي ملف الأسرى الإسرائيليين عام 2015 من اجل عقد صفقة جديدة. وفي 2017 تولى منصب رئيس الحركة في غزة. وصولاً إلى تعينه رئيس المكتب السياسي لحماس في آب 2024.

يعتبر السّنوار ومحمد الضيف وأعضاء المجلس العسكري للقسّام هم من خططوا لعملية طوفان الأقصى، والسّنوار بشكل خاص هو مهندس هذا الطوفان بكل مراحله، والقائد الفعلي للمعركة.
وكان اغتياله أحد ابرز اهداف الحرب على لسان القادة الإسرائيليين، اذ ان اغتياله يمثل صورة نصر او سطوة لإسرائيل على أعدائها.

إسـرائيل فـي ورطـة حـتـى بـعـد مـقـتـل الـسّـنـوار

منذ بداية المعركة وإسرائيل تكرّس كل قدراتها الإعلامية من أجل القول أن السّنوار رجل جبان يبقى في الأنفاق، متخذاً من المدنيين دروعاً بشرية.
ولكن الذي ظهر أن السّنوار لحظة مقتله كان مرتدياً جعبته العسكرية وسلاحه بيمينه، ويشتبك مع القوات الإسرائيلية مثل أي مقاوم.
لذا حتى في مقتله، كسر السّنوار الرواية الإسرائيلية عن قادة حماس؛ أنهم يرمون أبناء غزة للموت وهم منعّمين في الأنفاق والفنادق.

الصورة التي نُشرت للسّنوار كانت صدمة للصديق قبل العدو، وقال عدد من الباحثين الإسرائيليين أن الصورة نشرها الجنود دون الرجوع للقيادة. لذا فمن المتوقع معاقبة هؤلاء الجنود. ولو رجع هؤلاء الجنود لاستشارة القيادة لربما رأينا السنوار في وضعية أخرى، حيث يتم وضعه في نفق، وهو محاط بالأموال، ترويجًا للرواية التي تحاول إسرائيل بثها منذ مدة.

حتى على المستوى الداخلي الإسرائيلي، فمقتل السّنوار يضع الحكومة الإسرائيلية في موقف لا تحسد عليه. فنرى أنه بعد إعلان مقتل السّنوار، قام أهالي الأسرى الإسرائيليين بالخروج بكلمة يقولون فيها إن هذا الوقت هو الوقت الأمثل للمضي قدماً في صفقة لإخراج الأسرى، الأمر الذي لا يريده نتنياهو من أجل الإبقاء على حكومته في سدّة الحكم.

نـهـج الـسّـنـوار: ثـبـات واسـتـمـرار

على الرغم من أن استشهاد السّنوار شكّل صاعقة للمقاومة وأنصارها في كل أنحاء العالم. إلا أنه وفي الوقت نفسه يُعتبر دفعةً معنويةً مهولةً سواء على المدى القريب أو البعيد. وذلك نظراً لأسطورة المشهد الذي ظهر فيه في آخر لحظاته.
عندما ترى الحاضنة الشعبية للحركة أن قائدهم يخرج ويقاتل ويشتبك بنفسه، ويلقي القنابل ويطلق الرصاص تجاه الجنود الإسرائيليين حسب ما قال – قائد الكتيبة التي كانت تقاتله. تثبُت هذه الحاضنة على المبدأ نفسه، وهو القتال حتى النصر أو الشهادة.

حتى على المستوى الرسمي، من المستبعد أن تسلّم الحركة للشروط الإسرائيلية في المفاوضات. بل إن الثبات نهج السّنوار وسابقه هنيّة اللذين كرّسوا هذا النهج بالدم هو الخيار الأول والوحيد.

ختاماً، من المؤكد أن اغتيال السّنوار سيكون له تداعيات على المقاومة. ولكن هذه التداعيات لن تطال المبادئ الرئيسية الراسخة للحركة منذ عقودٍ وعقود. فمنذ اغتيال مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين عام 2004، وصولاً لاغتيال السّنوار عام 2024 والمقاومة لم تغيّر مبادئها وكفاحها المسلّح ضد الاحتلال.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com