خاصمقالات

سـنـة عـلـى طـوفـان الاقـصـى: تـحـدي وصـمـود

خاص بِكَفّيكم: سـنـة عـلـى طـوفـان الاقـصـى: تـحـدي وصـمـود

خاص بِكَفّيكم: سـنـة عـلـى طـوفـان الاقـصـى: تـحـدي وصـمـود


سـنـة عـلـى طـوفـان الاقـصـى: تـحـدي وصـمـود

كتب إبراهيم عفيفي؛ سـنـة عـلـى طـوفـان الاقـصـى: تـحـدي وصـمـود – نقطة تحول في العالم عامةً والشرق الأوسط خاصةً، صباح السابع من أكتوبر عام 2023، حيث شنت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وعلى رأسهم كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة حماس، هجومًا نوعيًا ومركبًا، هو الأكبر منذ نكبة في 15 أيار 1948.

ولقد طال هذا الهجوم الأراضي الفلسطينية المحتلة المتاخمة لقطاع غزة، وسيطرت بشكل شبه كامل على مساحة تقارب ضعف مساحة غزة، وتمكنت من أسر 251 أسيراً حسب رواية الحكومة الإسرائيلية. في السنوية الأولى للمعركة، ماذا اكتسبت القضية الفلسطينية؟ ما هو سر الصمود؟ إلى اين تتجه الأمور؟

مـا قـبـل الـسـابـع مـن أكـتـوبـر

لم يكن احد يتوقع ما حصل صباح السابع من أكتوبر، حتى اكثر المتفائلين بمشروع المقاومة والكفاح المسلح، لذلك سبّب هذا الحدث صدمة للصديق قبل العدو، وهنا يجب التركيز على صدمة العدو وتمحيصها. كانت السلطات الإسرائيلية قبل السابع من أكتوبر ترى أن قوة حماس القتالية أصبحت منخفضة نسبيًّا نظرًا لتصرفات حماس التي تشير إلى ميلها الى المفاوضات لتحقيق مكاسب سياسية ومحاولة فك الحصار عن القطاع، والذي دام اكثر من 17 سنة عبر المحطات الدبلوماسية، أكثر من ميلها الى الحروب، وهذا الامر يرجع بنظرهم الى ما وصفوه بتخلي حماس عن الجهاد الإسلامي خلال التصعيدين على القطاع في 2022 و2023 وتصعيد مخيم جنين في 2023، ولكن الذي اتضح في السابع من أكتوبر أن حماس كانت تتفادى المواجهة في موجات التصعيد هذه من أجل إكمال الاستعداد لأكبر ضربة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

 

شـعــوب الـعـالم تـتـضـامـن مـع فـلـسـطـيـن بعد مرور سـنـة عـلـى طـوفـان الاقـصـى

الحديث عن مكاسب القضية الفلسطينية من هذه المعركة يجعلنا نركّز على التفاف شعوب العالم حول فلسطين والمقاومة بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث، وذلك من خلال المظاهرات والوقفات والندوات وحملات الدعم وحملات مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل، والأهم هي احتجاجات وضغوطات طلاب الجامعات الذين يشكلون الركيزة الأساسية في تقدم المجتمعات ووعيها الجمعي. كل هذا سبّب حالة من الإرباك والصدمة في الأوساط الصهيونية. وتم اتخاذ شعار “معاداة السامية” شماعةً للتشويش على كل هؤلاء الشباب الغاضبين والذين بدأت تتضح أمور الحق والباطل لهم بشكل جليّ، ومن أجل الضغط على الحكومات لكي تقمع هذه الأحداث. فنرى الحكومة الألمانية تجرّم كل من يرفع علم فلسطين، ونرى نواب وسيناتورز الأمريكيين يدعون إلى تجريم التعاطف مع الفلسطينيين ويصفونه بـ “معاداة السامية”، ويدعون لترحيل كل من يتعاطف مع فلسطين.

والطامة الكبرى عندما دعا نتنياهو شخصيًّا الحكومة الأمريكية لقمع طلاب الجامعات الذين يتظاهرون ضد الجرائم الإسرائيلية، حيث شبّه هذه التظاهرات بالوضع في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي، وحتى وزير الدفاع غالانت قال إن هذه التظاهرات ليست معاداة للسامية وحسب بل هي تحريض على الإرهاب أيضاً.

 

جـنـوب أفـريـقـيـا تـواجـه إسـرائـيـل فـي مـحـكـمـة الـعـدل الـدولـيـة

أحد أبرز مكتسبات هذه المعركة أن العديد من دول العالم أصبحت تتجرأ على إسرائيل في المحافل الدولية، وهنا لا يجب أن نتغاضى عن أهمية دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية. على الرغم من أن هذه الدعوة لن تحقق أي هدف مادّي وملموس على المستوى القريب وربما المتوسط، إلا أن أهميتها تكمن في أنها الأولى من نوعها ضد دولة لطالما ادعت المظلومية التاريخية. وأيضًا أهميتها تكمن أنها جاءت من دولة عانت لعقود وعقود من الأذى والظلم والفصل العنصري بسبب تسيّد العرق الأبيض على غيره، والحاصل في فلسطين من ظلم وأذى يذكرهم بالويلات التي عاشوها، لذا ينظرون للأمر من زاوية أن الظلم واحد حتى وإن تعددت أسبابه ومظاهره. ولاقت هذه الدعوى الدعم من قرابة الستين دولة منهم دولة أوروبية وهي بيلجيكا.

والعديد من هذه الدول وضعت عشرات المختصين والمحامين تحت تصرف جنوب أفريقيا لتشكيل لجنة لجمع أكبر قدر ممكن من الأدلة ضد إسرائيل وإدانتها. وهذه الدعوى سببت حالة من الصدمة الكبيرة في الأوساط الصهيونية حول العالم، وذلك بسبب تجرّؤ هذا العدد الكبير نسبيًّا من الدول على إسرائيل. حتى أن الأمر المثير للسخرية أن الإدارة الأمريكية أعلنت نيتها فرض عقوبات على محكمة العدل الدولية وعلى قضاتها، الأمر الذي يوضح الحالة الهمجية التي تعيشها الأوساط الصهيونية في العالم.

 

تـحـدي وصـمـود: سـنـة عـلـى طـوفـان الاقـصـى

بعد سنة من الحرب يوجد عدد من الأمور التي يجب الوقوف عندها ودراستها بعناية. أولى هذه الأمور صمود المقاتلين في ساحة القتال على الرغم من مرور سنة كاملة. وليس هذا وحسب بل أن التقارير الاستخباراتية أشارت إلى أنه أكثر من 70% من كتائب المقاومة في كل أنحاء غزة ليست فقط بحالة ممتازة بل أنها فاعلة أيضا، الأمر الذي يشكك في الرواية الإسرائيلية، اذ تم القضاء على جل قدرات حماس. فنرى المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنه تم القضاء على كتيبة “جباليا”.

وبعد هذا التصريح نرى رشقة صاروخية تخرج من جباليا لتدك تل أبيب. ويعيدون الكرّة ليقولوا إنه لم يتبقى شيء اسمه كتيبة خان يونس، وبعد أيام نرى القسّام يعلنون عن عملية أسر في خان يونس. فالمنطق هنا يفرض نفسه، ويجعلنا نصدق ما نرى لا ما نسمع.

 

إغــتـيـالات بـلا هــدف

من الأمور المعروفة سابقًا لدى العديد من المطّلعين، والتي تأكدت لأقصى درجة في هذه الحرب، هي أن المنظمات العسكرية، وتحديدًا العقائدية لا يمكن أن تنتهي بالاغتيالات. نعم هنالك تأثير وقد يكون كبيرًا نسبيًّا، ولكن لا يمكن اعتبار بأي شكلٍ من الأشكال أنه سيدمر التنظيم والتسلسل الهرمي الذي يقوم عليه. ففي هذه الحرب اغتالت إسرائيل العديد من القادة على رأسهم “إسماعيل هنية”. فهل بعد كل هذه الاغتيالات انهارت حماس أو ضعُفت بنيتها القيادية؟ الجواب عن هذا السؤال أتى من حماس نفسها، حينما أعلنت “يحيى السنوار” رئيسًا للحركة.

 

إسـرائـيـل تـعـتـرف: حـمـاس تـسـيـطـر عـلـى كـل غـزة

يجب التركيز على أهالي غزة وقوة حماس الاجتماعية، وقدرتها على تثبيت أفكارها ومبادئها في عقول الشيوخ والشباب، النساء والأطفال.

وهنا نستذكر التقرير الذي نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية قبل أيام! الذي أفاد بأن لا احد من سكان غزة يقف ضد حماس ولا أحد يتحدى حكمها… وأن حماس تعمل على تعزيز سلطتها مجدداً في المناطق التي غادرها الجيش… وأن الجيش لاحظ اتجاهًا مقلقًا وهو سيطرة حماس على نحو مليوني شخص في غزة! والمعارضة لهذا الاتجاه شبه منعدمة. أيضًا نستذكر حديث “غادي أيزكنوت” النائب في الكنيست ورئيس الأركان السابق في الجيش الإسرائيلي عندما قال إن حماس منظمة إيديولوجية… ولو أجروا انتخابات في غزة اليوم فسوف يفوزون وبنتائج ساحقة. تفسر لنا هذه الأمور مدى تعلق أهالي غزة بحماس وحبهم لها والرغبة في المضيّ خلفها حتى الرمق الأخير.

 

بـعــد مـرور سـنـة إلـى أيـن تـتـجـه الـحــرب؟

أول سؤال يخطر على بال أي شخص هو إلى أين تتجه الأمور؟

إن الإجابة على هذا السؤال ليست بالقدر الكافي من السهولة كما يعتقد البعض. وذلك بسبب سرعة الأحداث وعدم القدرة على توقعها بالصورة الصحيحة من أجل البناء على هذه التوقعات. ولكن كل المعطيات التي نراها تدل على أنه من غير الوارد انتهاء هذه الحرب خلال الأمد القصير القادم. وذلك لعدة أسباب…

أهمها دخول عدة جبهات بقوة على خط النار وأبرز هذه الجبهات هي الجبهة اللبنانية التي تتطور أحداثها بشكل سريع جدا… والمناطق التي تتعرض للقصف بشكل يومي تزداد شيئا فشيئًا. ومن الأسباب الأخرى، عدم قدرة الإسرائيليين على تحقيق أهدافهم الاستراتيجية التي أعلنوا عنها في أولى أيام الحرب.

ومن أبرز الأهداف هي القضاء على حماس والتخلص من مقدّراتها وتسليم غزة لحكم مدني. وهذه الأهداف اليوم هي أبعد ما يكون عن الواقع. لذلك يسعى نتنياهو وحكومته إلى إطالة أمد الحرب وتوسيع جبهاتها قدر الإمكان… وذلك من اجل البقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة! لأنه بمجرد انتهاء الحرب سيحال نتنياهو وجميع أعضاء حكومته إلى المحاكمة وقد يتم الزج بهم في السجن.

 

إن صمود المقاتلين الفلسطينيين واستمرارهم في المقاومة… رغم مرور عام كامل على المعركة، يشير إلى قوة الإرادة والعزيمة التي يتمتعون بها. كما أن الدعم الشعبي العالمي المتزايد! يعكس تحولًا في الوعي العالمي تجاه القضية الفلسطينية، مما يفتح آفاقًا جديدةً لتحقيق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com