
خاص، حماس تعبث بحاسابات الشاباك!
خاص بِكَفّيكم| حماس تعبث بحاسابات الشاباك… فهل ستنتقل المشهدية من غزة إلى تل أبيب؟
كتب ابراهيم عفيفي لموقع بِكَفّيكم؛ يوم الاحد، الثامن عشر من آب عام 2024 وفي قرابة الساعة التاسعة الا ربع مساء، تبلغ سكان تل أبيب سماع صوت انفجار قوي اثار رعبهم. وبعد اجراء التحقيقات الأولية تبين ان سبب الانفجار هو عبوة ناسـ-ـفة.
والحديث الأبرز في الاعلام الإسـ-ـرائيلي هو ان تكون عملية لفلسـ-ـطيني بدوافع قومية. وبالفعل أعلنت كتائب القـ-ـسام مسؤليتها بالتعاون مع سرايا القـ-ـدس عن هذه العملية. فهل ستنتقل صورة الاحداث من غـ-ـزة الى الداخل الإسـ-ـرائيلي؟
الزمن التاريخي للعمليات الإستشهـ-ـادية في فلسـ-ـطين
في البداية يجب معرفة تاريخ هذه العمليات ومدى تأثيرها في الصراع الفلسـ-ـطيني الإسـ-ـرائيلي، حيث بدأت حركة حمـ-ــاس بتنفيذ هذا النوع من العمليات في ابريل من عام 1993، واستمرت هذه العمليات سواء بشكل مرتفع أحيانا او متدنٍ أحيانا أخرى الى عام 2008. وقد تم تنفيذ 169 عملية في هذه الفترة الممتدة لخمس عشرة سنة، وراح في هذه العمليات 788 قتـ-ـيل إسـ-ـرائيلي وآلاف الجرحى غيرهم.
ومن ابرز هذه العمليات، عملية يشيفا يسـ-ـرائيل في القـ-ـدس في 2/3/2002 والتي قُتِلَ فيها 11 شخصًا واكثر من خمسين جريحًا. وعملية عيد الفصح في في 27/3/2002 والتي قتـ-ـل فيها 30 إسـ-ـرائيلي وأصيب اكثر من 140 آخرين بجروح مختلفة. وعملية تفـ-ـجير حافلة تشموئيل هنيفي 19/8/2003 التي أودت بحياة 23 قتـ-ـيلًا واكثر من 130 جريحًا. وغيرها من العمليات مثل عمليات الثأر المقدس ردا على اغتـ-ـيال القائد يحيى عياش.
يذكر أن المقـ-ـاومة قد امتنعت عن تنفيذ هذه العمليات الاستشـ-ـهادية منذ أكثر من عقد ونصف العقد وذلك بسبب التغيرات الكبيرة في الرأي العام العالمي بسبب الخسائر “المدنية” الملحقة بالاسـ-ـرائيليين.
تأثير هذه العمليات على الداخل الإسـ-ـرائيلي
كانت وما زالت هذه العمليات تشكل ارقًا كبيرًا لدى المسؤولين الإسـ-ـرائيليين على المستويين الأمني والسياسي. فعلى الرغم من ان هذه العملية تعتبر فاشلة الى حد كبير، الى انها تشكل خرقًا امنيا كبيرًا، حيث ذكرت هيئة البث الإسـ-ـرائيلية نقلا عن مصادر امنية ان منفذ العملية قدم من نابلس شمال الضـ-ـفة الغربية الى تل ابيب، وذلك دون ان يتم التعرف عليه وكشف هويته وأهدافه من الذهاب الى تل ابيب، علما ان المسافة بين نابلس وتل ابيب تبلغ حوالي 70 كلم, وهذا يعد فشلا كبير نسبيا للمنظومة الأمنية والاستخبارية لإسـ-ـرائيل، وأضافت أيضا هيئة البث الإسـ-ـرائيلية ان ما جرى اقرب لكونه معجزة لأن تل ابيب كانت قاب قوسين من ان تشهد تفجـ-ـيرا قويا كان سيودي بحياة العشرات.
ووفقا لما يقوله المحللان الاسـ-ـرائيليان إليشع بن كيمون ويوآف زيتون في صحيفة يديعوت احرنوت الإسـ-ـرائيلية إن “الخوف الأكبر في المنظومة الأمنية هو ادخال عبـ-ـوات ناسـ-ـفة ذات قدرة تفجـ-ـيرية عالية الى قلب المدن الكبرى في إسـ-ـرائيل، الامر الذي سيسبب بكل تأكيد خسائر كبرى واضرارًا فادحة”.
ويرى هذان المحللان أن عودة ادخال هذه العمليات للواجهة سيسبب مشاكل كبيرة في ملاحقة المخططين والمنفذين، اذ لم يعد من الضروري تهريبها من غــ-ـزة الى الضفة الغربية ثم الى الداخل الإسـ-ـرائيلي، بل ان هذه المتفـ-ـجرات أصبحت تصنع في مختبرات التصنيع في الضـ-ـفة الغربية.
وبكل تأكيد عودة هذه العمليات ستؤدي الى أزمات مالية واقتصادية فادحة في إسـ-ـرائيل، وذلك بسبب الاضرار الهائلة التي ستلحق البنى التحتية الإسـ-ـرائيلية، تلك التي أنفق عليها المليارات، وسينفق الملايين على إعادة ترميمها واصلاحها، وهذا سيؤدي الى مشاكل مالية كبيرة بسبب صعوبة التوفيق بين ما سيصرف من المال في حـ-ـرب غـ-ـزة مرورا بمناكفات الضـ-ـفة الغربية وصولا الى الجبهة الشمالية، وأخيرا الداخل الإسـ-ـرائيلي نفسه.
وبكل تأكيد كل هذه الأمور ستشكل ضغطًا كبيرًا على الحكومة الإسـ-ـرائيلية للتوصل الى صفقة مع حمـ-ـاس، وذلك بسبب عدم قدرة المستوطنين الاسـ-ـرائيلين على تحمل كل هذه الاحداث مع بعضها، حيث لم يعد احد منهم في مأمن عن الضرر الذي قد يلحق بهم، اذ ان مستوطيني جنوب إسـ-ـرائيل مـ-ـهددين من غـ-ـزة وما فيها من فصائل، ومستوطيني الشمال مهددين بفعل ضربات حـز-ـب الله، ومستوطني الضـ-ـفة ليسوا بمنأى عن هجمات المـ-ـقاومة في الضـ-ـفة، والان مستوطنو وسط إسـ-ـرائيل مهددين بفعل العمليات الاستشـ-ـهادية.
أهمية العمليات الاستشـ-ـهادية بالنسبة للمـ-ـقاومة
تعتبر هذه العمليات بمثابة سـ-ـلاح استراتيجي بالنسبة للمـ-ـقاومة في خضم المواجهة المستمرة بين فصائل المـ-ـقاومة والاحـ-ـتلال الإسـ-ـرائيلي، وجاءت عملية تل ابيب لتفتح بابًا حول دوافع هذه العودة والرسائل التي تحملها. وعلى الرغم من غيابها لسنوات طويلة الا ان هذه العمليات ظلت حاضرة في اذهان المـ-ـقاومة واذهان جمهورها الذي لايزال يتغنى بها الى اليوم، بل وحتى في اذهان اعدائها بسبب التطور التقني والكمي والنوعي الذي وصلت اليه المـ-ـقاومة.
يمكننا القول بأن عودة هذه العمليات تحمل عدة رسائل، ومنها:
● رفض الفلسـ-ـطينيين بالعموم والمـ-ـقاومة بالخصوص الوضع الراهن وعدم الخضوع له او القبول به، حيث يسعى الاحتـ-ـلال لفرض سطوته من خلال المجازر والتهجير.
● إعادة توازن الرعب والردع بين المـ-ـقاومة والاحتـ-ـلال حيث قد يعيد الاحتـ-ـلال حساباته بما يخص قـ-ـتل المدنيين المتعمد وسياسة الاغتـ-ـيالات، لأن اعلان القـ-ـسام عودة هذه العمليات تضمن سبب عودتها وهو التمادي بقتل المدنيين, والاستمرار بسياسة الاغتـ-ـيالات.
المفاوضات تهتز، بين السنـ-ـوار والعمليات الإستشـ-ـهادية
هذه الأحداث قد تكون تمهيدًا لما هو قادم خلال فترة حكم يحيى السـ-ـنوار الذي يعتبره الإسـ-ـرائيليون الرجل الأكثر تطرفا في حمـ-ـاس. فمنذ توليه ربان القيادة ازدادت حدة وشراسة القـ-ـسام بشكل ملحوظ، فإعلان إعـ-ـدام الاسرى ردا على المـ-ـجازر، وازدياد تبني القـ-ـسام لعمليات قتـ-ـل المستوطينين في الضـ-ـفة الغربية، أخيرا الى عودة العمليات الاستشـ-ـهادية. كل هذه الأمور تعطي لمحة لما قد تكون عليه الفترة القادمة لزيادة الضغط العسكري والسياسي على إسـ-ـرائيل للقبول بصفقة لوقف الحـ-ـرب واطلاق سراح الاسرى.
فاعتبار إعلان عودة العمليات الاستشـ-ـهادية للواجهة في وقت حساس كهذا في خضم مفاوضات الدوحة، تشكل قلقًا وارباكًا كبيرًا لدى الإسـ-ـرائيليين وإعادة حساباتهم. وسيكون لنتنـ-ـياهو مع استمرار هذه العمليات خياران، إما ان يرضخ ويقبل بشروط حمـ-ـاس مرغما، وإما ان يقرر التصعيد، الامر الذي ستكون له تبعات كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي.



