
خواطر اليوم: ماذا لو مرَّ بك قطار يسير إلى الماضي؟
ماذا لو توقّف أمامك قطار قديم، يطلق صفيره وكأنه يناديك بالاسم؟
هل كنتِ ستصعدين… أم ستكتفين بالنظر إليه وهو يعبر، حاملةً قلبك بين يديك مثل من يلمس جرحًا يعرف أنه اندمل ظاهريًا فقط؟
تخيّلي نفسك على مقعد قرب النافذة، والقطار يشقّ طريقه عكس الزمن.
تمرّ الوجوه الأولى! تلك التي علمتكِ الطفولة كيف تخاف وكيف تحب.
تمرّ المدن التي مشيتِ فيها بحذر، والبيوت التي فتحت أبوابها يومًا ثم أغلقتها دون وداع.
يمرّ صوتٌ نسيتِ أنك نسيتِه.
ضحكة كانت تشبهك قبل أن تتعلم الروح كيف تتقشّف من الفرح.
ومع كل محطة يعود جزءٌ فقدتِه.
يد صغيرة أمسكت يدك في يوم بعيد، حلم تركته معلّقًا على شرفة الزمن، دمعة خفيفة نزلت ثم جفّت قبل أن تفهمي سببها.
يعود كل شيء كما لو أنه يقول: لم أذهب، أنتِ فقط مضيتِ أسرع مما يجب.
لكن ماذا لو وصل القطار إلى أعمق نقطة؟
حيث الألم الذي صنع قوتك، والخسارات التي علّمتك الوقوف، والانكسار الذي أعاد بناءك من جديد.
هل كنتِ ستنزلين هناك؟
أم ستتركين الماضي يراك من نافذته هذه المرة، ويرحل هو عنك؟
ربما لا نريد العودة للماضي لنسكنه…
بل لنصافحه أخيرًا، لنهزّ له رؤوسنا، ونقر أنّه جزء منّا لا أكثر.
نعود إليه فقط لنفهم أننا نجونا، وأن ما كنّا نخشاه صار صفحة مطوية، نقرأها بلا خوف.
ومتى تحرك القطار من جديد
ستجدين نفسك تعودين إلى الحاضر بخفةٍ غريبة.
كأن كل ما مرّ عليكِ عاد ليقول لكِ:
كنتِ أقوى مما ظننتِ… وما زلتِ
بقلم : هويدا أبو الحسن



