
عدوّان للجيش على الحدود وفي الداخل
خاص بِكَفّيكم: “أباطرة المخدرات” يتهاوون واحداً تلو الآخر في بلدٍ متآكل
كتبت ملاك يحيى لموقع بكفّيكم – يتغنّى تُجّار المخدرات بإنتاج أنواع جديدة ومتعددة الأوصاف آخرها وأخطرها ما يسمى بـ’الكريستال ميث’، الذي يُعد من أكثر الأنواع انتشارًا اليوم بين طلّاب الجامعات، لما فيه من منشطات، تسبب إدمانًا لا رجعة فيه من المرّة الأولى.

بعلبك.. تاريخٌ طويل من المعانة من ظاهرة “الحشيشة والمخدرات”
منذ عقود، وبعلبك تعاني من آفة المخدرات، زراعةً، تعاطيًا، وتجارة. كان للحرب الأهلية أثر كبير في انتشار المشكلة خاصةً في ظل الأزمة الأمنية آنذاك، والظروف الإقتصادية والمعيشية الصعبة. وقد سهّلت الظروف المناخية في منطقة البقاع الشمالي – بعلبك، وغياب سلطة الدولة، عملية زراعة القنّب الهندي، علمًا أن الجمهورية اللبنانية حظرت زراعة الحشيش عام 1992، بعدما ترافق ذلك بضغط دولي؛ فيما بقي هذا النوع من الزراعة غير الشرعية متجذرًا في بعلبك، نظرًا لغياب ‘الزراعات البديلة’ والتهميش المتعمّد للمنطقة. باختصار، حكاية بعلبك مع المخدرات تاريخية، وفاقمها العوَز والعوامل المعقدة.
أما اليوم، فقد وضع رئيس الحكومة نواف سلام موضوع القنب الهندي على الطاولة من جديد، محاولًا تشكيل الهيئة الوطنية للقنب الهندي، التي قد تشكّل نقلة نوعية في تاريخ الحشيش اللبناني، من اقتصاد قاتل إلى مورد طبي مشرّع.
الجيش يُقاتِل هُناك، ويُستَهدَف هُنا! إلى متى؟
في حين يزداد الضغط الدولي على الجيش اللبناني للإنتشار جنوبًا وتفكيك البنية التحتية لحزب الله، وتطبيق القرار ١٧٠١ وحصر السلاح بيد الدولة، إلّا أنه يواجه أزمة داخلية معقدة تكمن في استهداف عناصره من قبل شبكات الكبتاغون، وآخرها مداهمة أحد تجار المخدرات في بعلبك، والتي أدّت إلى استشهاد اثنين من عناصره، لترتفع بذلك حصيلة شهداء الجيش دفاعًا عن المجتمع من الإدمان والمخدرات.

بعد طول انتظار “بارون الحشيش” في قبضة الجيش!
بعد سنوات من البحث والتحري ومذكرات التوقيف، ها هو ‘نوح زعيتر’، أحد أبرز أباطرة المخدرات، والملقب بـ’بارون الحشيش’، في قبضة الجيش اللبناني، وتحديدًا مديرية المخابرات. فقد أُلقي القبض عليه البارحة بكمين محكم بحسب بيان قيادة الجيش.
يُعد الموقوف من أخطر المطلوبين بتُهم عدّة، منها تشكيل عصابات سلب وسرقة بقوة السلاح، ناهيك عن إطلاق النار على مراكز للجيش اللبناني، وترويج المخدرات.

فُرضت عليه مؤخرًا، إلى جانب ‘حسن دقو’، واثنين من آل الأسد، عقوبات من الإتحاد الأوروبي، وبريطانيا، ووزارة الخارجية الأمريكية، بتهم تهريب الكبتاغون بين سوريا ولبنان، إضافةً إلى منطقة الخليج. وفي آذار من العام الفائت، صدر عن المحكمة العسكرية في لبنان حكم غيابيّ بالإعدام على زعيتر لمحاولته إطلاق النار على عناصر للجيش ومحاولة قتلهم.
وعليه، يكمن العجب في الطريقة التي تمّ بها إلقاء القبض على زعيتر، إذ لم تُطلق رصاصة واحدة، ولم تُخاض معركة كما جرت العادة. على ما يبدو، جاء القرار السياسي لـ “نوح” بتسليم نفسه بغية أن يطاله العفو الذي بات حديث كل زاوية في لبنان!!
الحشيشة ليست سببًا في الإنهيار الحاصل في لبنان عامة وفي مدينة بعلبك خاصةً، بل سلاحٌ استخدمته بعض الأطراف السياسية للسيطرة على العائلات. بعلبك اليوم بحاجة إلى الزراعة البديلة لا إلى تشريع الحشيشة؛ فإن جفّ نبع المخدرات في بعلبك جفّ منه على مساحة الوطن. هي بحاجة إلى الإنماء وأن يتمَّ وضعها على خريطة الوطن. بعلبك اليوم بحاجة لأن تلتفت لها الدولة ليس فقط بالخطّة الأمنية، بل بالمستشفيات والجامعات الرسمية، وبتعبيد الطرقات، وغيرها.



