
كتبت رزان غازي; إنجاز يرفع اسم لبنان عاليًا، ولكن على اللائحة السوداء… أجل، فللفساد لوائح أيضًا، ومثلها للمجرمين والجرائم التي تشتهر، ولكن ما ينقصنا، لائحة تحوي الجرائم المطموسة، لائحة تحوي كل من تستّر على القانون، برجال القانون أنفسهم.

الرابع من آب، يوم اختارت النيترات انفجارها عند الساعة 6:07 مساء اليوم المشؤوم، والحق على “معلمين اللحام”.
دمار بيروت ما كان إلّا انفجارًا نوويًّا احتل المرتبة الثانية في العالم، والذي ما سلمت من براثنه الّا رؤوس الحاكمين بوطن لا يشهد غير الردم والانبعاث من جديد.
انبعاث طيور فينيق تحاول يومًا بعد يومٍ الانقضاض على الحياة، أو ما تبقى منها.

نيترات الأمونيوم المنبعثة، أعارت ضبابها ليلتف حول الفاعلين، ليخفيَ تحت الرماد، ذنوب مجرمين كانوا سببًا في فقدان أرواح كثيرة، وتشييع أرواح أكثر.
قضاةٌ كُفّت أيديهم، وعُيّن مكانهم آخرين تمّ اقتيادهم لغسل الذمم الملطخة بدماء الشّهداء، وشرارة الانقلاب التي أوقدت، أُطفئت بماء مقولة: “الحادثة قضاء وقدر”.
نخب النجاة من لهب العقاب تقاسمه الأخوة القادة، وروَوا به ظمأ سفك الدماء بكأس يوسفيّ يملأه نبيذ أحمر قانٍ.
ولا تشغلوا بالكم، فمتى لامس النبيذ الأفواه المقامرة، تحوّل إلى “خمر حلال”.

اما بيروت، فما زالت على عادتها، تكفكف دمعًا ملّ النحيب، وتنتظر إلى جانب أهالي الضّحايا؛ عقارب السّاعة؛ لتلدغهم مرّة أخرى، بل مرّات، كلّما التقت عند السادسة وسبع دقائق مساءً مع الرابع من آب، علّهم يستفيقون من كابوسٍ يتربّع جثمانًا، كان اسمه الحقيقة، كان اسمه القضاء، كان اسمه الوطن..
واليوم يسمّى؛ “أكذوبة العدالة”…




