خاص بِكَفّيكم: فعالية الصخرة وتحدي الحكومة
فعالية “الصخرة” بين تحدّي الحكومة ورسائل مبطّنة
كتب وليد أبو شالة؛ اعتاد حزب الله دائمًا أن يتخذ قراراته على عكس ما تتخذ الحكومة أو السلطة الشرعية قرارها. فإيديولوجيا الحزب تتيح له أن يكوّن مقاطعة خاصة له بقراراته. وإذا أراد الحزب أن يفعل، وقال كُن… فيكون. وبين “جبلٍ على صخرة”، و”إهراءات المرفأ المكان الأنسب”، أقيمت فعالية الصخرة في تحدٍ واضح للحكومة، ووفيق صفا هو اليد الفاعلة. فهل سيتم توقيف الفاعلين وأولهم صفا، أم كالعادة “ناس بسمنة وناس بزيت”؟
لم يتوقع رئيس الحكومة والنواب والشخصيات المعارضة لحزب الله أن تضاء الصخرة “غصبًا عن” قرار المحافظ ورئيس الحكومة. حتى أن هذه الشخصيات وضعت كامل ثقتها بالجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي اللذين كانا مسؤولَين عن الأمن وتطبيق القرار في هذه الفعالية. سرعان ما أضيئت الصخرة، لم يبادر الجيش الى تطبيق القرار، وما لم تدركه الشخصيات المعارضة للحزب، أن الجيش لا يريد أن يدخل في صراع مع بيئة حزب الله على أرض الواقع… حيث كان لوفيق صفا شكر خاص لقائد الجيش ولمدير عام قوى الأمن الداخلي.
إضاءة الصخرة ورسائلها المبطّنة
تناسى حزب الله أن المحكمة الدولية أدانت ٥ من عناصره في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. وتناسى حزب الله أيضًا أن في ٧ أيار اجتاح بيروت، وأطلق عناصره القذائف على منزل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ليقوم الحزب بإنارة الصخرة بصورة مولّدة بتقنية الذكاء الإصطناعي، جمعت رئيسي الحكومة الأسبقَيْن رفيق الحريري ونجله سعد الحريري، بالأمين العام الأسبق لحزب الله حسن نصرالله.
هذه الصورة لم تكن لتتوّلد اليوم حتى ولو بالحقيقة… فكيف لغباء بشري أن يستعمل الذكاء الإصطناعي ويوّلد هكذا صورة لولا الرسالة المخفيّة؟ فلم يكن عبثًا هذا التصرف، لأن الحزب اليوم متعطّشٌ للجلوس مع الحريري، ليس محبّة بالرئيس الأسبق ونجله، بل ليقول لنواف سلام، أن “من أقوى منك ومن يتزعم الشارع السنّي لم يستطع فعلَ شيء معنا، فمن أنت لتقوم؟”
الحزب يتحدى ويتصدى للدولة
بنتيجةٍ أو أخرى، فعالية الصخرة أقيمت… أما نتيجتها واحدة. فنواف سلام، بعد الفعالية، اتصل “بوزراء الداخلية والعدل والدفاع وطلب منهم اتخاذ الإجراءات المناسبة بما فيها توقيف الفاعلين وإحالتهم على التحقيق لينالوا جزاءهم إنفاذًا للقوانين المرعيّة الإجراء”.
ما حصل اليوم في منطقة الروشة يشكل مخالفة صريحة لمضمون الموافقة المعطاة من قبل محافظ مدينة بيروت لمنظّمي التحرك الذي على اساسه صدر الإذن بالتجمع والذي نصّ بوضوح على “عدم انارة صخرة الروشة مطلقا لا من البر ولا من البحر او من الجو وعدم بث اي صور ضوئية عليها”.
وعليه اتصلت بوزراء…— Nawaf Salam نواف سلام (@nawafsalam) September 25, 2025
فحزب الله أثبت أنه غير آبهٍ بقرارات رئاسة الجمهورية والحكومة. فما حصل أمس أثبت أن نواف سلام، وحتى الحكومة، غير قادرة على الوقوف بوجه الحزب. يضاف إليه أن الحزب ليس جاهزًا، أو على الأرجح لا يريد أن يكون في كنف الدولة، بل ما زال يعتبر نفسه ذا شرعية، وبمصطلح أصح: “دويلة أقوى من دولة”. فهل سيلتزم نواف سلام بتوقيف الفاعلين، أم كما أُثبِت أمس أن قراراته كلام بدون أفعال؟
رئيسا الحكومة والجمهورية لم يسلَما يومًا منذ استلامهما منصبَيهما من إهانة الحزب ومناصريه ومنتسبيه لهما، وتخوينهما وشتمهما ومناداتهما بـ”صهيوني صهيوني”. لم نشهد أي تحرّك فعلي لضبط هكذا أعمال، وما حدث بالأمس وكأنه تحدي نجح فيه الحزب ليثبت للبنانيين الذين أمِلوا بالحكومة الجديدة، أن لبنان سيبقى “من تحت الدلفة لتحت المزراب”.
هل ستحظى الحكومة بإحترام الشعب اللبناني لها ويكون لها سلطة على ضبط الأمن وتنفيذ القانون، أم أنه أُثبِت للشعب اللبناني أننا “بحارة كل مين إيده إله”؟
بين إضاءة صخرة الروشة، وإضاءة سماء تل أبيب، خيطٌ رفيع! بدايته إنتصار في حرب الإسناد الذي خسر فيها الحزب جميع قيادات الصف الأول والثاني والثالث وأمينيه العامين… ونهاية هذا الخيط، إنجاز بإضاءة صخرة الروشة. وبين ضعف نواف سلام وجوزيف عون في مواجهة الحزب، هل سيثق المجتمع الدولي بقدرة الحكومة على نزع السلاح؟