خاصمقالات

الحرب بين إسرائيل وإيران تشتعل

خاص بِكَفّيكم: الحرب بين إسرائيل وإيران... صراع الحسابات الكبرى

الحرب بين إسرائيل وإيران تشتعل

فاتن غرز الدين؛ خاص بِكَفّيكم: الحرب بين إسرائيل وإيران… صراع الحسابات الكبرى

مشهد يكتنفه التوتر، ويهدّد بإشعال الشرق الأوسط برمّته، تتصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران من حرب ظلّ طويلة إلى اشتباك مفتوح على أكثر من جبهة. لم تعد الضربات الجوية في سوريا، أو المواجهات بالوكالة عبر حزب الله أو الميليشيات العراقية، مجرد تكتيكات، بل أصبحت إشارات على أن الطرفين باتا أقرب من أي وقت مضى إلى صدام مباشر.

الأسباب: صراع وجودي لا خلاف حدود

العداء بين إسرائيل وإيران ليس خلافًا سياسيًا عابرًا، بل صراع وجودي تتداخل فيه العقيدة والأمن والسيطرة الجيوسياسية.

بينما ترى إسرائيل في المشروع النووي الإيراني تهديدًا مباشرًا لبقائها، وهي تسعى بكل الطرق لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وتعتبر أن “الوقاية بالضرب” مبررة… ترى إيران، من جهتها، إسرائيل “كيانًا غاصبًا” وتدعم حركات المقاومة كجزء من مشروعها الإقليمي لمواجهة الهيمنة الغربية، ولا تخفي رغبتها في تغيير موازين القوى في المنطقة.

من الرابح؟ حسابات الخسارة أكبر من المكاسب

في حرب من هذا النوع، يصعب الحديث عن رابح حقيقي. فإسرائيل قد توجه ضربات موجعة للمنشآت النووية الإيرانية، لكنها ستكون هدفًا لوابل من الصواريخ من إيران ومن أذرعها في لبنان والعراق واليمن. أما إيران ستسعى للرد بقوة، لكنها تُدرك أن مواجهة شاملة مع إسرائيل، خاصة بدعم أميركي، قد تعيدها عقودًا إلى الوراء اقتصاديًا وعسكريًا.

المنطقة كلها ستكون الخاسر الأكبر؛ فأسعار النفط ستشتعل، وستتضرر اقتصادات الدول المجاورة، وربما تنهار بعض الأنظمة السياسية الهشة.

هل سيتوقف تخصيب اليورانيوم؟

قلب المعركة بين إيران و إسرائيل هو تخصيب اليورانيوم. رغم العقوبات والتهديدات، إيران مستمرة في تخصيب اليورانيوم، بل تجاوزت النسب المسموح بها في الاتفاق النووي.

وفي حال وقوع حرب، قد تؤدي الضربات إلى تدمير بعض المنشآت، لكن من غير المرجّح أن تنهي الطموح النووي الإيراني، بل قد تدفع طهران إلى اتخاذ قرار استراتيجي بامتلاك سلاح نووي كـ”ردع أخير”، ما يشكّل سابقة خطيرة في المنطقة.

من المحق؟ لا أبيض ولا أسود

لا يمكن اختزال النزاع في ثنائية “محق ومخطئ”. إسرائيل تشعر بخطر حقيقي وتدافع عما تعتبره أمنها القومي، لكنها تُتهم بممارسات تتجاوز القانون الدولي، وتُفهم أحيانًا كقوة معتدية. بينما إيران تدّعي الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية، لكن تدخلاتها في شؤون الدول العربية أثارت شكوكًا واسعة، ودفعت حتى بعض شعوب المنطقة لاعتبارها طرفًا توسعيًا لا أقل خطرًا من إسرائيل.

موقف أميركا: دعم لا يعني تفويضًا مطلقًا

الولايات المتحدة الاميركية حليفة استراتيجية لإسرائيل، وستدعمها سياسيًا وعسكريًا إذا ما اندلعت الحرب. لكنها في الوقت نفسه تخشى الانزلاق إلى مواجهة إقليمية شاملة.

إدارة ترامب تحاول قدر الإمكان احتواء التصعيد، والعودة إلى الاتفاق النووي… لكنها لن تسمح لطهران بامتلاك سلاح نووي، وقد تجد نفسها مضطرة للمشاركة العسكرية إذا توسعت رقعة الحرب.

إلى أين يتجه العالم؟

العالم يقف على حافة سيناريوهات قاتمة:
أولها حرب محدودة تُستخدم فيها الطائرات والصواريخ فقط، دون دخول بري، وتنتهي بتسوية ترضي الجميع شكليًا.
أما ثانيًا، حرب إقليمية شاملة تمتد من لبنان إلى الخليج، وتفتح جراحًا يصعب تضميدها لعقود.
ثالثًا تدويل الأزمة، من خلال مجلس الأمن والاتفاقيات النووية، بهدف تجميد التوتر، وهو سيناريو صعب في ظل تصاعد العداء وفقدان الثقة.

الحرب بين إسرائيل وإيران ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل زلزال سياسي وأمني يمكن أن يعيد تشكيل الشرق الأوسط برمّته. لا رابح في حربٍ كهذه، والعقل وحده قادر على منع الانهيار. أمام العالم فرصة أخيرة لتغليب الحلول الدبلوماسية على لغة السلاح… فهل من يصغي؟

زر الذهاب إلى الأعلى